للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ونادى المنادى بصلاة الصّبح حين طلع الفجر، فصلّى بهم، منهم المتيمّم، ومنهم من لم يزل على طهره، فلمّا قضى صلاته جثا لركبتيه، وجثا النّاس، فنصب فى الدّعاء، ونصبوا معه، فلمع لهم سراب [١] الشّمس، فالتفت إلى الصفّ. فقال: رائد ينظر ما هذا، ففعل، ثم رجع فقال: سراب. فأقبل على الدعاء، ثم لمع لهم آخر، فكذلك، ثم لمع لهم آخر، فقال: ماء، فقام وقام الناس معه، فمشوا حتى نزلوا عليه، فشربوا واغتسلوا، فما تعالى النهار حتى أقبلت الإبل تكرد [٢] من كلّ وجه، فأناخت عليهم، فأقام كلّ رجل إلى ظهره، فأخذه.

قال منجاب بن راشد: فما فقدمنا سلكا [٣] ؛ فأرويناها وأسقيناها العلل بعد النّهل [٤] ، وتروّينا، ثم تروّحنا. وكان أبو هريرة رفيقى فلمّا غبنا عن ذلك المكان. قال لى: كيف علمك بموضع ذلك الماء؟ فقلت: أنا من أهدى العرب بهذه البلاد. قال: فكن معى حتى تقيمنى عليه، فكررت به، فأتيت به على ذلك المكان، فقلت:

لولا أنّى [لا أرى] [٥] الغدير لأخبرتك أنّ هذا هو المكان، وما رأيت بهذا المكان ماء ناقعا [٦] قبل اليوم، وإذا إداوة مملوءة، فقال: يا أبا سهم، هذا والله المكان، ولهذا رجعت بك، وملأت إدواتى ثم وضعتها على شفيره. فقلت: إن كان منّا من المنّ وكانت


[١] ك: «شراب» تصحيف.
[٢] الكرد: الطرد، وفى الأصول: «يرتكد» تصحيف، صوابه من تاريخ الطبرى.
[٣] السلك: جمع سلكة، وهو الخيط الذى يخاط به الثوب.
[٤] العلل: الشراب الثانى، والنهل: الشراب الأول.
[٥] من الطبرى.
[٦] كذا فى الطبرى، وفى الأصول: «نافعا» .