للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أحد بنى بكر بن كلاب، فاشتدّ عليه وعليهم الجوع حتى كادوا يهلكوا؛ فقال عبد الله بن حذف فى ذلك:

ألا أبلغ أبا بكر رسولا ... وفتيان المدينة أجمعينا [١]

فهل لكم إلى قوم كرام ... قعود فى جؤاثى محصرينا

كأنّ دماءهم فى كلّ فجّ ... شعاع الشمس يغشى النّاظرينا

توكّلنا على الرّحمن إنّا ... وجدنا الصّبر للمتوكّلينا

وكان أبو بكر الصّديق رضى الله عنه قد عقد للعلاء بن الحضرمىّ، وأمّره بالبحرين كما قدّمنا ذكر ذلك، فسار العلاء فيمن معه، فلمّا كان بحيال اليمامة لحق به ثمامة بن أثال فى مسلمة بنى حنيفة، وخرج مع العلاء من بنى عمرو وسعد والرّباب مثل عسكره، وسلك الدّهناء فنزل، وأمر النّاس بالنزول، فنزلوا، فنفرت الإبل فى جوف الليل، فما بقى بعير ولا زاد ولا مزاد ولا بناء إلّا ذهب عليها فى عرض الرّمل، وذلك حين نزل الناس، وقبل أن يحطّوا، فما هجم على جمع من الغمّ ما هجم عليهم، وأوصى بعضهم إلى بعض، ونادى منادى العلاء: اجتمعوا، فاجتمعوا إليه؛ فقال: ما هذا الذى قد ظهر فيكم، وغلب عليكم؟ فقال النّاس: وكيف نلام ونحن إن بلغنا غدا لم تحم شمسه [٢] حتى نصير حديثا، فقال:

أيّها النّاس، لا تراعوا، ألستم مسلمين! ألستم فى سبيل الله.!

ألستم أنصار الله! قالوا: بلى. قال: فابشروا فو الله لا يخذل الله من كان فى مثل حالكم.


[١] الأبيات فى الأغانى ١٥: ٢٥٦.
[٢] ص: «شمسها» .