الناس تحت الفيل خشعت أنفس بعضهم، ثمّ أخذ الّلواء الّذى كان أمّره بعده، فقاتل الفيل حتى تنحّى عن أبى عبيد، فاجترّه المسلمون فأحرزوه، ثم قتل الفيل الأمير الّذى بعد أبى عبيد، وتتابع سبعة من ثقيف كلهم يأخذ الّلواء ويقاتل حتّى يموت، ثم أخذ المثنّى اللواء فهرب عنه النّاس، فلمّا رأى عبد الله بن مرثد الثّقفىّ ذلك بادر إلى الجسر فقطعه، وقال: أيها النّاس، موتوا على مامات عليه أمراؤكم أو تظفروا. وحاز المشركون المسلمين إلى الجسر، فتواثب بعضهم إلى الفرات فغرق، وحمى المثنّى وفرسان من المسلمين الناس، وقاتل أبو زبيد الطائىّ حميّة للعرب، وكان نصرانيّا، ثم جاء العلوج وعقدوا الجسر، وعبر النّاس، وكان آخر من قتل عند الجسر سليط بن قيس، وعبر المثنّى وحمى جانبه، فلما عبر ارفضّ عنه أهل المدينة، وبقى المثنّى فى قلة، وكان قد جرح وأثبت فيه حلق من درعه. وهلك من المسلمين أربعة آلاف بين قتيل وغريق، وهرب ألفان وبقى ثلاثة آلاف، وقتل من الفرس ستّة آلاف، وأخبر عمر عمّن سار فى البلاد استحياء من الهزيمة، فاشتدّ ذلك عليه، وقال: الّلهم إنّ كلّ مسلم فى حلّ منىّ، أنا فئة كلّ مسلم، يرحم الله أبا عبيد! لو كان أنحاز إلىّ لكنت له فئة [١] .
قال: وأراد بهمن جاذويه العبور خلف المسلمين فأتاه الخبر باختلاف الفرس، وأنّهم قد ثاروا برستم، فرجع إلى المدائن.
وكانت هذه الوقعة فى شعبان سنة ثلاث عشرة. والله سبحانه وتعالى أعلم.