للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأكرمنا وجوهكم وكسوناكم، وملّكنا عليكم ملكا يرفق بكم.

فأسكت [١] القوم.

فقام المغيرة بن زرارة فقال: أيّها الملك؛ إنّ هؤلاء رءوس العرب ووجوههم، وهم أشراف يستحيون من الأشراف، وليس كلّ ما أرسلوا به قالوه، ولا كلّ ما تكلّمت به أجابوك عليه، فجاوبنى لأكون الّذى أبلغك وهم يشهدون على ذلك. وأمّا ما ذكرت من سوء الحال فهى على ما وصفت أو أشدّ، ثمّ ذكر من سوء عيش العرب، وإرسال النبىّ صلّى الله عليه وسلم إليهم نحو قول النّعمان، وقتال من خالفهم أو الجزية؛ ثم قال: اختر إن شئت الجزية عن يد وأنت صاغر، وإن شئت السيف، أو تسلم فتنحّى نفسك.

فقال: لولا أن الرّسل لا تقتل لقتلتكم، ثم قال: لا شىء لكم عندى؛ واستدعى بوقر [١] من تراب، فقال: احملوه على أشرف هؤلاء ثمّ سوقوه حتّى يخرج من باب المدينة. ارجعوا إلى صاحبكم فأعلموه أنّى مرسل إليكم [رستم] [٣] حتى يدفنكم ويدفنه معكم فى خندق القادسيّة، ثم أورده بلادكم حتّى أشغلكم فى أنفسكم بأشدّ مما نالكم من سابور.

فقام عاصم بن عمرو ليأخذ التراب، وقال: أنا أشرفهم، أنا سيّد هؤلاء؛ فحمله على عنقه وخرج إلى راحلته فركبها وأخذ التراب، وقال لسعد عند عوده: أبشر فقد والله أعطانا الله أقاليد ملكهم [٤] .


[١] أسكت، مثل سكت.
[٢] الوقر: الحمل الثقيل.
[٣] من ص.
[٤] الأقاليد: جمع أقلود وهو المفتاح.