للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال يزدجرد لرسنم: ما كنت أرى أنّ فى العرب مثل هؤلاء، ما أنتم بأحسن جوابا منهم، ولقد صدقنى القوم، لقد وعدوا أمرا ليدركنّه أو ليموتنّ عليه، على أنّى وجدت أفضلهم أحمقهم حيث حمل التّراب على رأسه.

فقال رستم: أيّها الملك؛ إنّه أعقلهم. وخرج رستم وبعث فى أثر الوفد، وقال لثقته: إن أدركهم الرّسول تلافينا أرضنا، وإن أعزوه سلبكم الله أرضكم. فرجع الرسول من الحيرة بفواتهم.

فقال: ذهب القوم بأرضكم من غير شكّ، وكان منجّما كاهنا.

ولما سار الوفد أغار سواد بن مالك التّميمىّ على النّجاف والفراض، فاستاق ثلاثمائة دابّة من بعير وحمار وثور، وأوقرها سمكا، وصبّح العسكر، فقسّمه سعد بين النّاس؛ فسمّى يوم الحيتان. وكانت السّرايا تسرى إلى طلب الّلحوم، فإنّ الطّعام كان كثيرا عندهم.

وكانوا يسمّون الأيّام بها، منها يوم الأباقر ويوم الحيتان. وبعث سعد سريّة أخرى، فأغاروا فأصابوا إبلّا لبنى تغلب والنّمر فأستاقوها.

وسار رستم من ساباط، وبعث على مقدّمته الجالينوس فى أربعين ألفا، وخرج هو فى ستّين ألفا، وساقته فى عشرين ألفا، وجعل فى الميمنة الهرمزان، وفى الميسرة مهران بن بهرام الرازىّ. وأرسل سعد السّرايا ورستم بالنّجف، والجالينوس بين النّجف والسّيلحين.

وطاف فى السّواد، فبعث سوادا وحميضة كلّ منهما فى مائة، فأغاروا على النّهرين، وبلغ رستم الخبر، فأرسل إليهم خيلا، وسمع سعد أنّ خيله قد وغلت، فأرسل عاصم بن عمرو وجابرا الأزدىّ فى آثارهم،