من أهل الحيرة- ما جاء بكم؟ قال: الله، وهو بعثنا لنخرج من يشاء من عباده من ضيق الدّنيا إلى سعتها، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، فأرسلنا بدينه إلى خلقه، فمن قبل ذلك قبلنا منه، ورجعنا عنه، وتركناه وأرضه، ومن أباه قاتلناه حتى يقضى الله إلى الجنّة أو الظّفر.
فقال رستم: قد سمعنا قولكم، فهل لكم أن تؤخّروا هذا الأمر حتّى ننظر فيه؟ قال: نعم، وإنّ ممّا سنّ لنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ألّا نمكّن الأعداء أكثر من ثلاث، فنحن متردّدون عنكم ثلاثا فانظر فى أمرك، واختر واحدة من ثلاث بعد الأجل: إمّا الإسلام وندعك وأرضك، أو الجزية فتقبل؟؟؟ فنكفّ عنك، وإن احتجت إلينا نصرناك؛ أو المنابذة فى اليوم الرّابع إلّا أن تبدأنا، وأنا كفيل بذلك عن أصحابى.
فقال: أسيّد أصحابك أنت؟ قال: لا، ولكنّا كالجسد الواحد، بعضنا من بعض، يجير أدنانا على أعلانا.
فخلا رستم برؤساء قومه، فقال: هل رأيتم أو سمعتم كلاما قطّ أعزّ وأوضح من كلام هذا الرّجل؟ فقالوا: معاذ الله أن نميل إلى دين هذا الكلب، أما ترى إلى ثيابه! فقال: ويحكم! لا تنظروا إلى الثياب، ولكن انظروا إلى الرأى والكلام والسّيرة؛ إنّ العرب تستخفّ بالّلباس، وتصون الأحساب؛ ليسوا مثلكم.
فلمّا كان من الغد أرسل رستم إلى سعد: أن أبعث إلينا ذلك الرجل، فبعث إليهم حذيفة بن محصن، فأقبل فى نحو من ذلك