للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عدوّهم، ورغّبهم فى الصّبر والنّيّة، وقدّم أولئك الأربعة فى صدور النّاس، ومر النّاس جميعا أن تكون لهم صدمة كصدمة رجل واحد وليكن ذلك عند الزّوال يوم الجمعة؛ فإنّها ساعة نزول الرّحمة، ووقت الإجابة، وليعجّ الناس إلى الله ويسألوه النّصر. ففعلوا ففتح الله عليهم.

قال [١] : ويقال: إن عمرو بن العاص استشار مسلمة بن مخلد فى قتال الرّوم، فقال له مسلمة: أرى أن تنظر إلى رجل له معرفة وتجارب من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فنعقد له على الناس، فيكون هو الّذى يباشر القتال ويكفيكه. فقال عمرو:

ومن ذاك؟ قال: عبادة بن الصّامت. فدعا عمرو عبادة، فأتاه وهو راكب على فرسه، فلمّا دنا منه أراد النّزول، فعزم عمرو عليه ألّا يفعل، وقال: ناولنى سنان رمحك، فناوله عبادة إيّاه، فنزع عمرو عمامته عن رأسه وعقد له وولّاه قتال الرّوم.

فتقدّم عبادة فصافّ [٢] الرّوم وقاتلهم، ففتح الله على يديه الإسكندريّة من يومه ذلك، وكان حصارهم الإسكندرية أربعة عشر شهرا، خمسة أشهر فى حياة هرقل، وتسعة أشهر بعد موته، وفتحت يوم الجمعة مستهلّ المحرّم، سنة عشرين، وقتل من المسلمين على الإسكندرية فى طول هذه المدة اثنان وعشرون رجلا.


[١] ابن عبد الحكم ٧٩.
[٢] كذا فى ابن عبد الحكم، وفى الأصول: «فصادف» .