للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وسلطان العزيز الجبّار، فمن رأى أثرى، وعرف خبرى، وطول عمرى، ونفاذ بصرى، وشدّة حذرى، فلا يغترّ بالدّنيا بعدى» ...

وكلام كثير يرى فيه فناء الدّنيا، ويمنع من الاغترار بها، والسّكون إليها، لم يذكره المسعودىّ.

قال [١] : فنزل الإسكندر مفكّرا يتدبّر هذا الكلام ويعتبر، ثم بعث بحشر الصّنّاع من البلاد، وخطّ الأساس، وجعل طولها وعرضها أميالا، وأمر بنقل الرّخام والمرمر والأحجار من جزيرة صقلّية، وبلاد إفريقيّة، وأقريطيش، وأقاصى [بحر] [٢] الرّوم [٣] .

وجزيرة رودس وغيرها، فنقلت فى المراكب، وأمر الصّنّاع والفعلة أن يدوروا بما رسم لهم من أساس المدينة، وعمل على كلّ قطعة من الأرض خشبة قائمة، وجعل من الخشبة إلى الخشبة حبالا منطوطة بعضها ببعض، وأوصل جميع ذلك بعمود من الرّخام كان أمام مضربه.

وعلّق على العمود جرسا عظيما مصوّتا، وأمر النّاس والقوّام على الصّنّاع والبنّائين والفعلة، أنّهم إذا سمعوا صوت ذلك الجرس أن يضعوا أساس المدينة دفعة واحدة من سائر أقطارها. وأحبّ الإسكندر أن يجعله فى وقت يختاره، وطالع سعد [٤] يأخذه، فخفق الإسكندر يوما برأسه، فأخذته سنة فى حال ارتقابه للوقت [٥] .

فجاء غراب فجلس على حبل الجرس الكبير فحرّكه، وخرج صوت


[١] المصدر نفسه.
[٢] من المسعودى.
[٣] بعدها فى المسعودى: «مما يلى مصبه من بحر أقيانوس» .
[٤] المسعودى: «يختاره ذى طالع سعيد» .
[٥] المسعودى: «ارتقابه؟؟؟ الوقت المحمود» .