للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أردته، ولا امتنع علىّ شىء ممّا طلبته، لطفا من الله عزّ وجلّ وصنعا لى، وصلاحا لعباده [١] من أهل عصرى، والحمد لله ربّ العالمين، لا إله إلّا الله هو ربّ كلّ شىء. ورسم بعد هذه الكتابة كلّ ما يحدث من العمران والخراب، وما يؤول أمرها إليه إلى آخر وقت دثور العالم.

وكان بناؤها طبقات، وتحتها قناطر مقنطرة تدوّرها [٢] ، ويسير تحتها الفارس، وبيده رمح لا يطبق به حتّى يدور جميع أبراجها وقناطرها، وعمل لتلك العقود والأبراج مخاريق للضّياء، ومنافذ للهواء.

قال: وكانت الإسكندريّة تضيئ باللّيل من غير مصباح لشدّة بياض الرّخام والمرمر، وأسواقها وأزقّتها وشوارعها مقنطرة بها لئلّا يصيب أهلها المطر.

قال: وكان عليها سبعة أسوار من أحجار [٣] مختلفة الألوان، بينها خنادق، بين كلّ خندق وسور فصل [٤] .

قال: وربّما علّق فيها شقاق الحرير الأخضر لاختطاف بياض السّور أبصار النّاس لشدّة بياضه، فلمّا سكنها أهلها كانت آفات البحر تخطف أهل المدينة باللّيل، فيصبحون وقد فقد منهم العدد الكثير، فأهمّ ذلك الإسكندر، فاتّخذ الطّلّسّمات على أعمدة هنا لك،


[١] المسعودى: «صلاحا لى ولعباده» .
[٢] المسعودى: «عليها دور المدينة» .
[٣] المسعودى: «من أنواع الحجارة» .
[٤] المسعودى: «فصلان» .