للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التّابوت، ويطلى بتلك الأطلية [١] ، وأمر بمركبين، فعلّق التّابوت بينهما وجعل فى أسفله من الخارج مثقلات الرّصاص والحديد، وشدّ حباله إلى المركبين، وأخرجهما إلى اللّجّة، وسمّر بعضها بخشب إلى بعض لئلّا يفترقا، وأرخوا التّابوت فى البحر، فاستقرّ بقراره، فنظر من تلك الجامات إلى دوابّ البحر وحيواناته؛ فإذا بصور شياطين على أمثال النّاس، رءوسهم كرءوس السّباع، وفى أيديهم الفئوس والمقامع والمناشير، يحاكون بذلك صنّاع المدينة، فأثبت الإسكندر ومن معه تلك الصّور، وأحكموها فى القراطيس على هيئاتها وأشكالها وقدودها، ثم حرّك الحبال، فرفعه من بالمركب.

فلمّا خرج أمر المصوّرين بتصوير تلك الصّور، وصنعها من النّحاس والحديد والحجارة، فعملت تماثيلها، ثم نصبها على الأعمدة بشاطئ البحر، وأمر بالبناء فبنى، فلمّا جنّ اللّيل، وظهرت تلك الدّوابّ من البحر، نظرت إلى أشكال صورها على العمد فرجعت إلى البحر ولم تعد، فتمّ بناء الإسكندريّة، وشيّدت، فأمر أن يكتب على أبوابها: «هذه الإسكندرية، أردت أن أبنيها على الفلاح والنّجاح، واليمن والسّرور، والثّبات على الدّهور [٢] ، فلم يرد البارى ملك السّموات والأرض ومفنى الأمم أن أبنيها [٣] كذلك، فبنيتها وأحكمتها، وشيّدت سورها، وآتانى الله من كلّ شىء [علما وحكما، وسهّل فى وجوه الأسباب، فلم يتعذّر علىّ فى العالم شىء] [٤] ممّا


[١] المسعودى: «الأطلية الدافعة للماء» .
[٢] المسعودى: «فى الدهور» .
[٣] المسعودى: «نبنيها» .
[٤] من المسعودى.