للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

للفتنة، فقم عليهم وانههم، فإن آنست منهم رشدا فأقبل [منهم] [١] وإن أعيوك فارددهم [٢] علىّ.

فلمّا قدموا على معاوية أنزلهم كنيسة مريم، وأجرى عليهم ما كان عليهم بالعراق بأمر عثمان وكان يتغدّى ويتعشّى معهم.

فقال لهم يوما: إنّكم قوم من العرب لكم أسنان وألسنة، وقد أدركتم بالإسلام شرفا، وغلبتم الأمم، وحزتم مراتبهم ومواريثهم، وقد بلغنى أنّكم نقمتم قريشا؛ ولو لم تكن قريش كنتم أذلّة، إنّ أئمتكم لكم جنّة، فلا تفترفوا عن جنّتكم، وإنّ أئمتكم يصبرون [٣] لكم على الجور، ويحملون عنكم المئونة، والله لتنتهنّ أو ليبتلينّكم الله بمن يسومكم ولا يحمدكم على الصّبر، ثم تكونون شركاءهم فيما جررتم على الرّعيّة فى حياتكم وبعد وفاتكم.

فقال صعصعة: أمّا ما ذكرت من قريش فإنّها لم تكن أكثر النّاس، ولا أرفقها، ولا أمنعها فى الجاهليّة فتخوّفنا، وأمّا ما ذكرت من الجنّة؛ فإنّ الجنّة إن اخترقت خلص إلينا.

فقال معاوية: عرفتكم الآن، وعلمت أنّ الّذى أغراكم على هذا قلّة العقول؛ وأنت خطيبهم، ولا أرى لك عقلا، أعظّم عليك أمر الإسلام وتذكّرنى الجاهليّة! أخزى الله قوما أعظموا أمركم.

افقهوا عنّى- ولا أظنّكم تفقهون- أنّ قريشا لم تعزّ فى جاهليّة ولا


[١] من ص.
[٢] ك: «فردوهم» .
[٣] ك: «يصرون» .