للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إسلام إلّا بالله تعالى، لم تكن بأكثر العرب ولا بأشدّهم؛ ولكنّهم كانوا أكرمهم أحسابا، وأمحضهم أنسابا، وأكملهم مروءة، ولم يمتنعوا فى جاهليّة- والنّاس بأكل بعضهم بعضا- إلا بالله، فبوّأهم [١] حرما آمنا، يتخطّف النّاس من حولهم، هل تعرفون عربا أو عجما أو سودا أو حمرا، إلّا وقد أصابه الدّهر فى بلده وحرمته؛ إلّا ما كان من قريش؛ فإنّهم لم يردهم أحد من النّاس بكيد إلّا جعل الله خدّه الأسفل؛ حتى أراد الله أن يستنقذ من أكرم، واتّبع دينه من هوان الدّنيا وسوء مردّ الآخرة، فارتضى لذلك خير خلقه، ثم ارتضى له أصحابا فكان خيارهم قريشا، ثم بنى هذا الملك عليهم، وجعل هذه الخلافة فيهم، فلا يصلح ذلك إلّا عليهم، فكان الله تعالى يحوطهم فى الجاهليّة، وهم على كفرهم، أفتراه لا يحوطهم وهم على دينه! أفّ لك ولأصحابك!.

أمّا أنت يا صعصعة، فإنّ قريتك شرّ القرى، أنتنها نبتا، وأعمقها واديا، وأعرفها بالشّرّ وألأمها، ألأم العرب ألقابا وأصهارا، نزّاع الأمم، وأنتم جيران الخطّ، وفعلة فارس، حتّى أصابتكم دعوة النبىّ صلّى الله عليه وسلّم، لم تسكن البحرين فتشركهم فى دعوة النّبىّ صلّى الله عليه وسلّم. فأنت شرّ قومك، حتى إذا أبرزك [٢] الإسلام وخلطك بالناس [٣] أقبلت تبتغى دين الله عوجا، وتنزع إلى الذّلّة، ولا يضرّ ذلك قريشا، ولا يضعهم ولن يمنعهم من تأدية ما عليهم، إنّ الشيطان عنكم غير غافل، قد عرّفكم بالشّرّ فأغرى بكم النّاس


[١] ك: «مأواهم» .
[٢] ك: «أنذرك» .
[٣] ك: «بالإسلام» .