ومما قيل في المحبوب إذا اعتلّ، قال العباس بن الأحنف:
زعموا لى أنّها صارت تحمّ! ... ابتلى الله بهذا من زعم!
اشتكت أكمل ما كانت، كما ... يكسف البدر إذا ما قيل تمّ!
وقال أحمد بن إسحاق الطالقانىّ:
لقد حلّت الحمّى بساحة خدّه ... فأبدلت التّفّاح بالسّوسن الغضّ!
قال أبو هلال العسكرىّ: والأصل في ذلك قول عبد بنى الحسحاس. ونقل فى كتابه ديوان المعانى بسند رفعه قال: كتب عبد الله بن عامر إلى عثمان بن عفّان رضى الله عنه: إنى اشتريت لك عبدا حبشيا شاعرا. فكتب إليه عثمان: لا حاجة لى فيه، فإن قصارى الشاعر منهم أن يهجو أعراضهم ويشبب بكريمتهم. فاشتراه بنو الحسحاس، فرئى يوما وهو ينشد:
ماذا يريد السّقام من قمر ... كلّ جمال لوجهه تبع؟
ما يبتغى- خاب- من محاسنه؟ ... أما له في القباح متّسع؟
غيّر من لونه وصفّر ما ... ورّد منه الجمال والبدع.
لو كان يبغى الفداء، قيل له: ... ها أنا دون الحبيب يا وجع!
ثم يقول لنفسه: أحسنك والله! يريد أحسنت. وكان العبد كما حدس عثمان، فما زال يهجو مواليه ويشبّب بنسائهم، حتّى قتلوه. فضحكت منه امرأة وقد ذهبوا به ليقتلوه، فقال:
فإن تضحكى منّى، فيا ربّ ليلة ... جعلتك فيها كالقباء المفرّج!