للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثمّ خرج علىّ من عنده، وخرج عثمان على أثره، فجلس على المنبر ثم قال:

أمّا بعد، فانّ لكلّ شىء آفة، ولكلّ أمر عاهة، وإنّ آفة هذه الأمّة، وعاهة هذه النّعمة، طعّانون يرونكم ما تحبّون، يسترون عنكم ما تكرهون، ويقولون لكم ويقولون، أمثال النّعام، يتبعون أوّل ناعق، أحبّ مواردها إليها البعيد، لا يشربون إلّا نغصا، ولا يردون [١] إلّا عكرا، لا يقوم لهم رائد، وقد أعيتهم الأمور [٢] ، ألا فقد عبتم علىّ والله بما أقررتم لابن الخطّاب بمثله؛ ولكنّه وطئكم برجله، وضربكم بيده، وقمعكم بلسانه، فدنتم له على ما أحببتم أو كرهتم، ولنت لكم، وأوطأتكم كتفى، وكففت يدى ولسانى عنكم، فاجترأتم علىّ. أما والله لأنا أعزّ نفرا، وأقرب ناصرا، وأكثر عددا، وأحرى أن قلت هلمّ أتى إلىّ، ولقد أعددت لكم أقرانكم، وأفضلت عليكم فضولا، وكشرت لكم عن نابى، وأخرجتم منّى خلقا لم أكن أحسنه، ومنطقا لم أنطق به، فكفّوا عنّى ألسنتكم وطعنكم وعيبكم على ولاتكم، فإنّى قد كففت [٣] عنكم من لو كان هو الذّى يكلّمكم لرضيتم منه بدون منطقى هذا، ألا فما تفقدون من حقّكم؟ والله ما قصّرت عن بلوغ ما بلغ من كان قبلى، ولم يكونوا يختلفون عليه.


[١] ك: «ولا يرون» .
[٢] بعدها فى الطبرى: «وتعذرت عليهم المكاسب» .
[٣] ك: «كفكفت» .