فلمّا قرئ كتابه فى الأمصار بكى الناس بكاء شديدا، ودعوا لعثمان رضى الله عنه. وقدم عمّال الأمصار إلى مكّة فى الموسم: عبد الله عامر أمير البصرة، وعبد الله بن سعد أمير مصر، ومعاوية أمير الشّام وأدخل معهم فى المشورة سعيد بن العاص، وعمرو بن العاص.
فقال عثمان رضى الله عنه: ويحكم! ما هذه الشكاية وما هذه الإذاعة! إنّى والله لخائف أن تكونوا مصدوقا عليكم، وما يعصب هذا إلّا بى، فقالوا: ألم تبعث؟ ألم نرجع إليك الخبر عن القوم؟ ألم ترجع رسلك ولم يشافههم أحد بشىء، والله ما صدقوا ولا برّوا ولا نعلم لهذا الأمر أصلا، ولا يحلّ الأخذ بهذه الإذاعة. فقال: اشيروا علىّ.
فقال سعيد: هذا أمر مصنوع يلقى فى السّرّ، فيتحدّث به النّاس، ودواء ذلك طلب هؤلاء، وقتل الّذين يخرج هذا من عندهم.
وقال عبد الله بن سعد: خذ من النّاس الّذى عليهم إذا أعطيتهم الّذى لهم، فإنّه خير من أن تدعهم.
وقال معاوية: قد ولّيتنى فوليت قوما لا يأتيك عنهم إلّا الخير، والرّجلان أعلم بناحيتيهما، والرأى حسن الأدب.
وقال عمرو: أرى أنّك قد لنت لهم، وتراخيت عليهم، وزدتهم على ما كان يصنع عمر، فأرى أن تلزم طريق صاحبيك، فتشتدّ فى موضع الشدّة، وتلين فى موضع الّلين.
فقال عثمان: قد سمعت كلّ ما أشرتم به علىّ، ولكل أمر باب