للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يؤتى منه. إنّ هذا الأمر الّذى يخاف على هذه الأمة كائن، وإنّ بابه الّذى يغلق عليه فيكفكف به، اللين والمؤاتاة إلّا فى حدود الله، فإن فتح فلا يكون لأحد علىّ حجة حقّ. وقد علم الله أنّى لم آل الناس خيرا، وأنّ رحا الفتنة لدائرة، فطوبى لعثمان إن مات ولم يحرّكها. سكّنوا النّاس، وهيّئوا لهم [١] حقوقهم؛ فإذا تعوطيت حقوق الله عزّ وجلّ فلا تدهنوا فيها.

وكان هذا بمكّة. فلمّا قدم عثمان المدينة دعا عليّا وطلحة والزّبير، وعنده معاوية، فحمد معاوية الله، ثم قال: أنتم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وخيرته من خلقه، وولاة أمر هذه الأمّة، لا يطمع فيه أحد غيركم، اخترتم صاحبكم عن غير غلبة ولا طمع، وقد كبر وولّى عمره، ولو انتظرتم به الهرم لكان قريبا؛ مع أنّى أرجو أن يكون أكرم على الله أن يبلغه ذلك، وقد فشت مقالة خفتها عليكم، فما عتبتم فيه من شىء فهذه يدى لكم به، ولا تطمعوا النّاس فى أمركم، فو الله إن طمعوا فيه لا رأيتم منها أبدا إلّا إدبارا [٢] .

فقال علىّ بن أبى طالب: مالك وذاك لا أمّ لك! قال: دع أمّى فإنّها ليست بشرّ أمّهاتكم، قد أسلمت وبايعت النبىّ صلّى الله عليه وسلّم، وأجبنى عمّا أقول لك.

فقال عثمان: صدق ابن أخى، أنا أخبركم عنّى وعمّا وليت، إنّ صاحبىّ الّلذين كانا قبلى ظلما أنفسهما، ومن كان منهما بسبيل


[١] ك والطبرى: «وهبوا» .
[٢] ك: «الأدبار» .