للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وخرج سعيد بن العاص وهو يقول:

صبرنا غداة الدار والموت واقف ... بأسيافنا دون ابن أروى نضارب

وكنّا غداة الرّوع فى الدّار نصرة ... نشافههم بالضّرب والموت ثاقب

وكان آخر من خرج عبد الله بن الزّبير، وأقبل أبو هريرة والنّاس محجمون، فقال: هذا يوم طاب فيه الضّرب، ونادى: يا قَوْمِ ما لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ

[١] .

وجاء عبد الله بن سلام ينهاهم عن قتله، فقال: يا قوم، لا تسلّوا سيف الله فيكم، فو الله إن سللتموه لا تغمدوه، ويلكم! إنّ سلطانكم اليوم يقوم بالدّرّة، فإن قتلتموه لا يقوم إلا بالسّيف، ويلكم! مدينتكم محفوفة بالملائكة، فإن قتلتموه ليتركنّها.

فقالوا: يابن اليهودية، ما أنت وهذا! فرجع عنهم.

قال: ثمّ اقتحموا على عثمان داره، من دار عمرو بن حزم حتّى ملئوها ولم يشعر من بالباب منهم، ففى ذلك يقول الأحوص يهجو آل حزم.

لا ترثينّ لحزمىّ رأيت به ... ضرّا ولو طرح الحزمىّ فى النّار [٢]

الباخسين لمروان بذى خشب ... والمدخلين على عثمان فى الدّار

قال: ولمّا صاروا فى الدّار ندبوا رجلا ليقتله، فدخل عليه فقال: اخلعها ونتركك. قال: لست خالعا قميصا كساينة الله تعالى حتّى يكرم الله أهل السعادة، ويهين أهل الشّقاوة، فخرج


[١] سورة غافر ٤١.
[٢] ديوانه ١٣٢، وروايته: «لا تأوين» .