للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ونجدهم فجرة غدرة كذبه، وهم يحاولون غير ما يظهرون، فلمّا قدروا على المكاثرة كاثروه، فاقتحموا عليه داره، واستحلّوا الدم الحرام والمال الحرام، والبلد الحرام، بلاترة [١] ولا عذر، ألا إنّ فيما ينبغى- لا ينبغى لكم غيره- أخذ قتلة عثمان، وإقامة كتاب الله، أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يُدْعَوْنَ إِلى كِتابِ اللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ

(الآية [٢] ) .

فافترق أصحاب عثمان بن حنيف فرقتين: فقالت فرقة:

صدقت والله وبرّت وجاءت بالمعروف، وقالت فرقة خلاف ذلك.

فتحاثوا وتحاصبوا وأرهجوا [٣] ، فلمّا رأت عائشة ذلك انحدرت وانحدر أهل الميمنة مفارقين لعثمان بن حنيف، حتّى وقفوا فى المربد فى موضع الدبّاغين، وبقى أصحاب عثمان على حالهم، يتدافعون حتّى تحاجزوا، ومال بعضهم إلى عائشة [٤] .

وأقبل حكيم بن جبلة، وهو على خيل ابن حنيف، فأنشب القتال، فأشرع أصحاب عائشة رماحهم، وأمسكوا ليمسك [٥] ، فلم ينته ولم ينثن، وأصحاب عائشة كافّون [إلّا ما دافعوا عن أنفسهم [٦]] ثمّ اقتتلوا على فم السّكّة، وأشرف أهل الدّور ممن كان له فى أحد


[١] الترة: الثأر.
[٢] من الآية ٢٣ من سورة آل عمران.
[٣] أرهجوا: أثاروا الغبار.
[٤] وبقى بعضهم مع عثمان بن حنيف على فم السكة، كما ذكره ابن جرير ج ٣ ص ٤٨٢.
[٥] هذا هو المناسب للفعلين بعده، وعبارة ابن الأثير فى الكامل ج ٣ ص ١٠٩ «وأمسكوا ليمسك حكيم وأصحابه» . وفى المخطوطة وتاريخ ابن جرير: «ليمسكوا» .
[٦] الزيادة من تاريخ ابن جرير.