للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اليوم الذى ارتحلت فيه أتاها علىّ فوقف لها، وحضر الناس، فخرجت [وودعوها] [١] وودّعتهم وقالت: يا بنىّ، لا يعتب بعضنا على بعض، إنه والله ما كان بينى وبين علىّ فى القديم إلّا ما يكون بين المرأة وأحمائها، وإنه على معتبتى لمن الأخيار. فقال علىّ رضى الله عنه: صدقت والله ما كان بينى وبينها إلا ذاك، وإنّها لزوجة نبيّكم فى الدنيا والآخرة.

وكان خروجها من البصرة يوم السبت غرّة شهر رجب سنة ستّ وثلاثين، وشيّعها علىّ أميالا، وسرّح بنيه معها يوما. وتوجّهت إلى مكّة، فأقامت إلى الحجّ، فحجّت، ثم رجعت إلى المدينة.

قال: ولمّا فرغ علىّ من بيعة أهل البصرة نظر فى بيت المال، فرأى فيه ستّمائة ألف وزيادة، فقسمها على من شهد معه، فأصاب كلّ رجل منهم خمسمائة درهم، فقال لهم: إن أظفركم الله بالشام فلكم مثلها إلى أعطياتكم، فخاض فى ذلك السّبئيّة، وطعنوا على علىّ [من وراء وراء] [٢] ، وطعنوا فيه أيضا حين نهاهم عن أخذ أموالهم، فقالوا: يحلّ لنا دماءهم ويحرّم علينا أموالهم [٣] ! قال: وأراد علىّ رضى الله عنه المقام بالبصرة لإصلاح حالها،


[١] الزيادة من تاريخ ابن جرير البرى ج ٣ ص ٥٤٧.
[٢] الزيادة من الكامل لابن الأثير ج ٣ ص ١٣٢ وسبقه ابن جرير.
[٣] فى تاريخ ابن جرير ٣ ص ٥٤٥: كان من سياسة على ألا يقتل مديرا ولا يذفف على جريح ولا يكشف سترا ولا يأخذ مالا. فقال قوم يومئذ: ما يحل لنا دماءهم ويحرم علينا أموالهم! فقال على: القوم أمثالكم، من صفح عنا فهو منا ونحن منه، ومن لج حتى يصاب فقتله، منى على الصدر والنحر، وإن لكم فى خمسه لغنى.