للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

غير الجبن. فانصرف عنه ابن جرموز وهو يقول: «والهفى على ابن صفيّة! أضرمها نارا ثم أراد أن يلحق بأهله! قتلنى الله إن لم أقتله!» ثم رجع إليه كالمتنصّح، فقال: «يا أبا عبد الله دون أهلك فياف، فخذ نجيبى [١] هذا وخلّ فرسك ودرعك، فإنهما شاهدان عليك بما نكره» . وأراد بذلك أن يلقاه حاسرا [٢] ، ولم يزل به حتّى تركهما عنده وأخذ نجيبه، وسار معه ابن جرموز كالمشيّع له، حتّى انتهيا إلى وادى السّباع [٣] ، فاستغفله [٤] ابن جرموز وطعنه. وقيل: إنّه اتبعه إلى الوادى فقتله وهو فى الصلاة. وقيل: بل قتله وهو نائم.

وفى ذلك تقول عاتكة [٥] بنت زيد بن عمرو بن نفيل العدوية زوجته ترثيه [٦] :

غدر ابن جرموز بفارس بهمة ... يوم اللقاء وكان غير معرّد [٧]

يا عمرو لو نبّهته لوجدته ... لا طائشا رعش الجنان [٨] ولا اليد


[١] النجيب من الإبل: القوى السريع.
[٢] حاسر: لا درع عليه ولا وقاية.
[٣] وادى السباع: على أربعة فراسخ من البصرة، كما فى خزانة الأدب ج ٤ ص ٣٥٠ وانظر معجم البلدان.
[٤] فى خزانة الأدب ج ٢ ص ٤٥٨: «وأراه أنه يريد مسايرته ومؤانسته، فقتله غيلة» .
[٥] عاتكة من المهاجرات، حسناء بارعة الجمال، تزوجت مرات وقتل أزواجها ورثتهم بشعرها، وسيذكر المؤلف فى هذا الجزء ترجمة أخيها: سعيد بن زيد.
[٦] انظر هذا الرثاء فى الأغانى ج ٦، ص ١٢٦ وذيل أمالى القالى ص ١١٢ والموشى ص ٨٠ والاستيعاب ج ٤ ص ٣٦٤ وابن عساكر ج ٥ ص ٣٦٦ والرياض النضرة ج ٢ ص ٣٠٤.
[٧] يقال للجيش «بهمة» ، ومنه قولهم «فلان فارس بهمة» والمعرد: الهارب
[٨] الجنان: القلب.