للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الدّارع [١] ، وأخروا الحاسر [٢] ، وعضّوا على الأضراس [٣] ، فإنّه أنبى [٤] للسّيوف عن الهام، والتووا فى أطراف الرّماح، فإنّه أمور [٥] للأسنّة [٦] ، وغضّوا الأبصار، فإنه أربط للجأش، وأسكن للقلوب، وأميتوا الأصوات، فإنّه أطرد للفشل، وأولى بالوقار، راياتكم فلا تميلوها ولا تزيلوها ولا تجعلوها إلّا بأيدى شجعانكم واستعينوا بالصدق والصبر، فإن [٧] بعد الصبر ينزل النصر.

قال: وقام يزيد بن قيس الأرحبىّ يحرّض الناس، فقال: إنّ المسلم من سلم فى دينه ورأيه، وإن هؤلاء القوم والله ما يقاتلوننا إلا على هذه الدنيا ليكونو جبّارين فيها ملوكا، فلو ظهروا عليكم- لا أراهم الله ظهورا ولا سرورا- لرموكم بمثل سعيد والوليد وابن عامر السّفيه الضّالّ، يجيز أحدهم بمثل ديته ودية أبيه وجده فى مجلسه، ثم يقول: «هذا لى ولا إثم علىّ» ، كأنما أعطى تراثه عن أبيه وأمّه، وإنما هو مال الله أفاءه [٨] الله علينا بأرماحنا وسيوفنا، فقاتلوا


[١] الدارع: لابس الدرع.
[٢] الحاسر: الذى لا درع عليه ولا مغفر.
[٣] قال ابن أبى الحديد: يجوز أن يريد أمرهم بالحنق والجد، ويجوز أن يريد أن العض على الأضراس يشد شئون الدماغ ورباطاته.
[٤] نبا السيف عن الرأس: كل ولم يحك فيه.
[٥] كذا ورد منصوصا عليه فى نهج البلاغة وشرحه لابن أبى الحديد ج ٢ ص ٢٦٧ ووقع فى المخطوطة وغيرها (أصون) .
[٦] قال ابن أبى الحديد: أمرهم بأن يلتووا إذا طعنوا، لأنهم إذا فعلوا ذلك فبالحرى أن يمور السنان، أى يتحرك عن موضع الطعنة فيخرج زالقا، وإذا لم يلتووا لم يمر السنان ولم يتحرك عن موضعه فيخرق وينفذ فيقتل.
[٧] كذا جاء فى المخطوطة، ولعله «فإنه» .
[٨] أفاءه الله علينا: رده علينا وجعله لنا من أموال من خالف دينه.