للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عباد الله القوم الظالمين، فإنّهم إن يظهروا عليكم يفسدوا عليكم دينكم ودنياكم، وهم من قد عرفتم وخبرتم، والله ما ازدادوا إلى يومهم إلّا شرّا [١] .

قال: ولما انتهى عبد الله بن بديل بمن معه إلى قبّة معاوية؛ أقبل الذين تبايعوا على الموت إلى معاوية، فأمرهم أن يصمدوا لابن بديل فى الميمنة، وبعث الى حبيب بن مسلمة فحمل بالميسرة على ميمنة علىّ فهزمهم، وانكشف أهل العراق من قبل الميمنة حتّى لم يبق إلّا ابن بديل فى مائتين أو ثلاثمائة من القرّاء، قد استند بعضهم إلى بعض، وانجفل [٢] الناس.

وأمر علىّ سهل بن حنيف فاستقدم فيمن كان معه من اهل المدينة، فاستقبلتهم جموع عظيمة لأهل الشام فاحتملتهم حتّى أوقفتهم فى الميمنة، وكان أهل اليمن فيما بين الميمنة إلى موقف علىّ فى القلب، فلما انكشفوا انتهت الهزيمة إلى علىّ رضى الله عنه، فانصرف يمشى نحو الميسرة، فانكشفت عنه مضر من الميسرة، وثبتت ربيعة، ودنا أهل الشام منه فما زاده قربهم إلا إسراعا وكان الحسن والحسين ومحمد بنو علىّ رضى الله عنه معه، والنّبل يمرّ بين عاتقه ومنكبه [٣] ، وما من بنيه أحد إلّا يقيه بنفسه، فبصر به أحمر مولى أبى سفيان أو عثمان، فأقبل نحوه، فخرج إليه كيسان مولى علىّ فاختلفا ضربتين، فقتله أحمر، فأخذ علىّ


[١] عند ابن أبى الحديد ج ٢ ص ٤٨٥: «والله ما أرادوا باجتماعهم عليكم إلا شرا» .
[٢] انجفل الناس: انقلعوا وأسرعوا فى الهزيمة.
[٣] عند ابن أبى الحديد ج ١ ص ٤٨٦: «بين عاتقيه ومنكبيه» .