للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال [١] : فمنعنى هذا القول [٢] من الفرار، ونظر إلى عمرو فقال له: «اليوم صبر، وغدا فخر» . فقال: صدقت.

قال [٣] : وتقدم عقبة بن حديد النميرى [٤] وهو يقول: «ألا إن مرعى الدّنيا أصبح هشيما [٥] ، وشجرها حصيدا [٦] ، وجديدها سملا [٧] ، وحلوها مرّ المذاق، وإنى قد سئمت الدنيا، وإنّى أتمنى الشهادة وأتعرض لها فى كل جيش وغارة، فأبى الله إلا أن يبلغنى هذا اليوم، وإنّى متعرّض لها من ساعتى هذه، وقد طمعت ألا أحرمها، فما تنتظرون عباد الله بجهاد من عادى الله! (فى كلام طويل) [٨] ، وقال: يا إخوتى، قد بعت هذه الدار بالّتى أمامها، وهذا وجهى إليها! فتبعه إخوته عبيد الله وعوف ومالك، وقالوا:

لا نطلب رزق الدنيا بعدك! فقاتلوا حتى قتلوا، وهم من أصحاب علىّ.

وكان ممن قتل فى هذا اليوم من أصحاب علىّ أبو شداد قيس ابن المكشوح، واسم المكشوح [٩] : هبيرة بن هلال (عند


[١] أى معاوية.
[٢] انظر رواية القالى لقول معاوية، وقد ذكر السيوطى فى شواهده ما قيل فى هذه الأبيات «أنها أجود ما قيل فى الصبر فى مواطن الحروب» وقد افتتح البحترى بها حماسته.
[٣] ابن الأثير فى الكامل.
[٤] كذا جاء فى المخطوطة مثل الكامل، وعند ابن جرير: «النمرى» .
[٥] هشيما: يابسا متكسرا.
[٦] حصيدا: مقطوعا، وفى الكامل لابن الأثير: «خضيدا» .
[٧] سملا: باليا.
[٨] انظر تاريخ ابن جرير الطبرى ج ٤ ص ١٩.
[٩] المكشوح لقب قيل له لأنه ضرب على كشحه، أو كوى عليه.