للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بدمه، ولكنّهم ذاقوا الدنيا واستحبّوها، وعلموا أنّ الحقّ إذا لزمهم حال بينهم وبين ما يتمرّغون فيه منها، ولم تكن لهم سابقة [١] يستحقّون بها طاعة الناس والولاية عليهم، فخدعوا أتباعهم أن قالوا: إمامنا قتل مظلوما، ليكونوا بذلك جبابرة ملوكا، فبلغوا ما ترون، ولولا هذه ما تبعهم من الناس رجلان، اللهمّ إن تنصرنا فطال ما نصرت، وإن جعلت لهم الأمر فادّخر لهم بما أحدثوا فى عبادك العذاب الأليم!» ثم مضى ومعه تلك العصابة، فكان لا يمرّ بواد من أودية صفّين إلّا تبعه من كان هناك من أصحاب النبىّ صلى الله عليه وسلم.

ثم جاء إلى هاشم بن عتبة بن أبى وقّاص- وهو المرقال- وكان صاحب راية علىّ رضى الله عنه، فقال: «يا هاشم، أعورا وجبنا؟

لا خير فى أعور لا يغشى البأس، اركب يا هاشم» . فركب معه وهو يقول [٢] .

أعور يبغى أهله محلّا ... قد عالج الحياة حتّى ملّا

لا بدّ أن يفلّ [٣] أو يفلّا ... يتلّهم [٤] بذى الكعوب [٥] تلّا

وعمّار يقول: «تقدّم يا هاشم، الجنّة تحت ظلال السيوف،


[١] فى تاريخ ابن جرير: «سابقة فى الإسلام» .
[٢] انظر ابن أبى الحديد ج ٢ ص ٢٦٩ ففيه زيادة.
[٣] يقل: يكسر.
[٤] يتلهم: يصرعهم، هكذا جاء (يتلهم) بالباء عند وابن جرير وابن الأثير ولم ينقط الحرف الأول فى النسخة (ن) ، وجاء فى النسخة (ك) : «نتلهم» بالنون.
[٥] ذو الكعوب: الرمح.