للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السّكسكىّ،

وقد كان ذو الكلاع سمع عمرو بن العاص يقول: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام لعمّار «تقتلك الفئة الباغية وآخر شربة تشربها ضياح من لبن [١] »

. فكان ذو الكلاع يقول لعمرو:

ما هذا ويحك يا عمرو! فيقول: إنّه يرجع إلينا، فقتل ذو الكلاع قبل عمّار مع معاوية، وأصيب عمّار بعده مع على، فقال عمرو لمعاوية: «والله ما أدرى بقتل أيّهما أنا أشدّ فرحا: بقتل عمّار أو بقتل ذى الكلاع، والله لو بقى بعد قتل عمّار لمال بعامّة أهل الشّام إلى علىّ!» . فأتى جماعة إلى معاوية، كلّهم يقول: «أنا قتلت عمارا» ، فيقول عمرو: فما سمعته يقول؟ فيخلطون، فأتاه ابن حوىّ فقال: أنا قتلته فسمعته يقول «اليوم ألقى الأحبّه، محمّدا وحزبه» . فقال له عمرو: أنت صاحبه. ثم قال «رويدا، والله ما ظفرت يداك [٢] ، ولقد أسخطت ربّك!» .

وقيل: إنّ أبا الغادية قتل عمّارا وعاش إلى زمن الحجّاج، فدخل عليه، فأكرمه الحجّاج وقال: أنت قتلت ابن سميّة؟ (يعنى عمارا) قال: نعم. قال: من سرّه أن ينظر إلى عظيم الباع يوم القيامة فلينظر إلى هذا الذى قتل ابن سميّة. ثم سأله أبو الغادية حاجة فلم يجبه إليها، فقال: نوطّىء لهم الدنيا ولا يصلونا منها


[١] أما
قول الرسول صلى الله عليه وسلم لعمار «تقتلك الفئة الباغية»
فقد ورد فى الحديث الصحيح بروايات مختلفة عن أبى سعيد الخدرى وأبى هريرة وأم سلمة عند مسلم والترمذى وغيرهما.. وأما «آخر شربة» فهو حديث رواه أبو عمر بن عبد البر فى الاستيعاب ج ٢ ص ٤٨٠ عن عبد الله بن سلمة، ونقله ابن أبى الحديد ج ٢ ص ٥٣٨ وانظر البداية والنهاية ٧ ص ٢٦٧.
[٢] كذا جاء فى النسخة (ك) وجاء فى (ن) : «بذاك» .