للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إن كان جارك ليأمن بوائقك [١] ، وإن كنت لمن الذاكرين الله كثيرا! أوصنى رحمك الله!» قال: «أوصيك بتقوى الله، وأن تناصح أمير المؤمنين، وتقاتل معه المخلين [٢] ، حتّى يظهر أو يلحق بالله، وأبلغه عنّى السلام وقل له: قاتل على المعركة حتّى تجعلها خلف ظهرك، فإنه من أصبح غدا والمعركة خلف ظهره كان العالى» .

ثمّ لم يلبث أن مات، فأقبل الأسود إلى علىّ فأخبره، فقال: «رحمه الله! جاهد عدوّنا فى الحياة، ونصح لنا فى الوفاة!» .. وقيل:

إن الذى أشار على علىّ بهذا عبد الرحمن بن حنبل الجمحى.

قال: فاقتتل الناس تلك الليلة كلّها إلى الصباح، وهى ليلة الهرير، فتطاعنوا حتى تقصّفت الرّماح، وتراموا حتى نفد النّبل، وأخذوا السيوف، وعلى يسير بين الميمنة والميسرة، ويأمر كلّ كتيبة أن أن تقدّم على التى تليها، فلم يزل يفعل ذلك حتّى أصبح، والمعركة كلّها خلف ظهره، والأشتر فى الميمنة، وابن عباس، فى الميسرة وعلىّ فى القلب، والناس يقتتلون من كل جانب (وذلك يوم الجمعة) وأخذ الأشتر يزحف بالميمنة، وكان قد تولاها عشيّة الخميس وليلة الجمعة إلى ارتفاع الضحى، وهو يقول لأصحابه: ازحفوا قيد [٣] هذا الرمح. ويزحف بهم نحو أهل الشام، فإذا فعل ذلك


[١]
روى مسلم فى صحيحه ج ٢ ص ١٧ عن أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه»
قال ابن الأثير فى النهاية: أى: غوائله وشروره، واحدها بائقة وهى الداهية.
[٢] كذا جاء فى المخطوطة بالخاء المعجمة، وجاء عند ابن جرير وابن الأثير (المحلين) بالحاء المهملة.
[٣] قيد: قدر.