للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فرجع يزيد فأخبره، وارتفعت [١] الأصوات، وارتفع الرهج من ناحية الأشتر، فقالوا: والله ما نراك إلا أمرته أن يقاتل! فقال: «هل رأيتمونى ساررته؟ أليس كلمته على رؤوسكم وأنتم تسمعون؟» فقالوا: «ابعث إليه فليأتك، وإلا والله اعتزلناك!» فقال: «ويلك يا يزيد! قل له أقبل إلى، فإن الفتنة قد وقعت!» فأبلغه ذلك، فقال الأشتر: ألرفع المصاحف؟ قال: نعم. قال: «والله لقد ظننت أنها ستوقع اختلافا وفرقة، إنها مشورة ابن العاص، ألا ترى إلى الفتح؟ ألا ترى ما يلقون؟ ألا ترى ما صنع الله لنا؟ أينبغى أن أدع هؤلاء وأنصرف عنهم؟» فقال له يزيد: أتحب أن تظفر وأمير المؤمنين يسلم إلى عدوّه أو يقتل؟ قال: «لا والله! سبحان الله!» فأعلمه بقولهم، فأقبل إليهم الأشتر وقال: «يا أهل العراق، يا أهل الذّلّ والوهن، أحين علوتم القوم وظنّوا أنكم لهم قاهرون رفعوا المصاحف يدعونكم إلى ما فيها؟ وهم والله قد تركوا ما أمر الله به فيها وسنة من أنزلت عليه! فأمهلونى فواقا [٢] فإنّى قد أحسست بالفتح، قالوا: لا. قال: أمهلونى عدو الفرس فإنى قد طمعت [فى النصر] [٣] قالوا: إذن ندخل معك فى خطيئتك! قال: «فخبّرونى عنكم متى


[١] عبارة ابن جرير ٤ ص ٣٥: «فارتفع الرهج وعلت الأصوات» ، وكذلك قال ابن أبى الحديد ج ١ ص ١٨٦ وزاد: «وظهرت دلائل الفتح والنصر لاهل العراق، ودلائل الخذلان والإدبار على أهل الشام» .
[٢] فى النهاية ولسان العرب: «فواق الناقة» ، والفواق- بفتح الفاء وضمها:- ما بين الحلبتين من الراحة، ولكن لسان العرب تصحفت فيه كلمة «الأشتر» ب «الأسير» .
[٣] الزيادة من ابن جرير ج ٤ ص ٣٥ وابن الأثير فى الكامل ج ٣ ص ١٦١ وابن أبى الحديد ج ١ ص ١٨٦.