للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما الخوارج فإنهم ساروا إلى أن بلغوا المذار [١] فأقاموا بها.

وبلغ ابن عامر بالبصرة خبرهم، فندب شريك بن الأعور الحرثى، وانتخب معه ثلاثة آلاف فارس أكثرهم من ربيعة، فسار بهم إلى المذار.

وسار معقل وقدّم أمامه أبا الرّواغ فى ثلاثمائة، فأتى بهم إلى المذار وقاتل الخوارج عامة نهاره وهم يهزمونه ويعود إلى القتال، ثم أدركه معقل فى سبعمائة من أهل القوة، فجاء وقد غربت الشمس فصلوا المغرب، وحملت الخوارج عليهم فانهزم أصحاب معقل، وثبت هو فى نحو مائتين ونزل إلى الأرض فتراجع إليه أصحابه وأتاه بقية الجيش.

فبينما هم على ذلك بلغ الخوارج أن شريك بن الأعور قد أقبل من البصرة فى ثلاثة آلاف، فأشار المستورد على أصحابه بالرجوع من حيث جاءوا، وقال: «إنا إذا رجعنا نحو الكوفة لم يتبعنا أهل البصرة، ويرجعوا عنا فنقاتل طائفة أسهل من قتال طائفتين» .

فانحاز بأصحابه إلى البيوت، وخرج من الجانب الآخر وسار ليلته، ولم يعلم الجيش بمسيرهم، وبات معقل وأصحابه يتحارسون [٢] إلى الصباح، فأتاهم خبر مسيرهم.

وجاء شريك، فدعاه معقل أن يسير معه، فأبى أصحاب شريك اتّباعهم [٣] ، فاعتذر إليه لمخالفة أصحابه ورجع.


[١] المذار: بلد بين واسط والبصرة.
[٢] كان معقل قد بعث من يأتيه بخبر الخوارج حين لم ير سوادهم، فعاد إليه يخبره بسيرهم، فخاف معقل أن تكون مكيدة منهم ليأتوا جيشه ليلا، فاحتاط هو وأصحابه وتحارسوا.
[٣] قالوا لشريك: لا والله لا نفعل، إنما أقبلنا نحو هؤلاء لننفيهم عن أرضنا ونمنعهم من دخولها، فإذا كفانا الله مؤنتهم فإنا منصرفون إلى مصرنا، وفى أهل الكوفة ما يمنعون به بلادهم من هؤلاء الأكلب.