للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ودعا معقل أبا الرواغ، وأمره باتباعهم، فى ستمائة فارس، فاتبعهم، فأدركهم نحو جرجرايا مع طلوع الشمس، فحمل المستورد على أبى الروّاغ، فانهزم أصحابه وثبت فى مائة فارس وقاتلهم طويلا، ثم عطف أصحابه من كل جانب، وصدقوهم القتال، فلما رأى المستورد ذلك علم أن معقلا إن أتاهم بمن معه هلكوا، فمضى بأصحابه وعبر دجلة إلى بهرسير، وتبعهم أبو الروّاغ حتى نزل بهم إلى ساباط، فقال المستورد: هؤلاء حماة معقل وفرسانه ولو علمت أنى أسبقهم إليه بساعة لسرت إليهم فواقعته، ثم ركب بأصحابه حتّى انتهى إلى جسر ساباط، فقطعه، ووقف أبو الرواغ ينتظرهم للقتال وقد عبّأ أصحابه.

وسار المستورد حتى أتى ديلمان، وبها معقل، فلما رآهم نصب رايته [ونزل] [١] وقال: يا عباد الله الأرض الأرض! فنزل معه نحو مائتى رجل، فحملت الخوارج عليهم، فاستقبلوهم بالرماح جثاة على الرّكب، فلم يقدروا عليهم، فتركوهم، وعدلوا إلى خيولهم [فحالوا بينهم وبينها] [٢] وقطعوا أعنّتها فذهبت، ثم رجعوا إلى معقل وأصحابه فحملوا عليهم، واشتدّ الأمر على معقل ومن معه.

فبينما هم كذلك أقبل أبو الروّاغ بمن معه، وكان سبب عوده أنه أقام ينتظر عودة الخوارج إليه، فلما أبطأوا عليه أرسل من يأتيه بخبرهم فرأوا الجسر مقطوعا ففرحوا بذلك ظنا منهم أن الخوارج فعلوا ذلك هيبة، فرجعوا إلى أبى الرواغ فأخبروه أنهم لم يروهم، وأن الجسر قد قطعوه هيبة لهم، فقال أبو الرواغ: «لعمرى ما فعلوا هذا


[١] الزيادة من ابن جرير فى تاريخه ج ٤ ص ١٥٦.
[٢] الزيادة من ابن الأثير فى الكامل ج ٣ ص ٢١٦.