للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الناس، فقال أولئك النفر: نتلقّاه لعله قد ندم على ما كان منه، فلقوه فى بطن [١] مرّ، فكان أول من لقيه الحسين رضى الله عنه، فقال له معاوية: مرحبا وأهلا بابن رسول الله وسيّد شباب المسلمين.

وأمر له بدابّة وركب وسايره، ثم فعل بالباقين مثل ذلك [٢] ، وأقبل يسايرهم ولا يسير معه غيرهم حتى دخل مكة، فكانوا أول داخل عليه وآخر خارج، ولا يمضى يوم إلا ولهم منه صلة، ولا يذكر لهم شيئا، حتّى قضى نسكه وحمل أثقاله وقرب مسيره، فقال بعضهم لبعض: «لا تخدعوا فما صنع هذا لحبّكم، وما صنعه إلا لما يريد أن يفعل، فأعدوا له جوابا» فاتفقوا على أن يكون المخاطب له عبد الله ابن الزبير.

فأحضرهم معاوية وقال: «قد علمتم سيرتى فيكم، وصلتى لأرحامكم وحملى ما كان منكم، ويزيد أخوكم وابن عمكم، وأردت أن تقدّموه باسم الخلافة، وتكونوا أنتم تولّون وتعزلون وتؤمّرون، وتجبون المال وتقسمونه، ولا يعارضكم فى شىء من ذلك» . فسكتوا، فقال: ألا تجيبون؟ مرّتين.

ثم أقبل على عبد الله بن الزبير ثم قال: هات فلعمرى إنك خطيبهم. قال: نعم، نخيّرك بين ثلاث خصال. قال: اعرضهنّ. قال:

تصنع كما صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو كما صنع أبو بكر، أو كما صنع عمر رضى الله عنهما، قال معاوية: ما صنعوا؟ قال: قبض


[١] مر الظهران على مرحلة من مكة.
[٢] فى العقد الفريد ج ٤ ص ٣٧١: «وقال لعبد الرحمن بن أبى بكر: مرحبا بشيخ قريش وسيدها وابن الصديق. وقال لابن عمر: مرحبا بصاحب رسول الله وابن الفاروق، وقال لابن الزبير: مرحبا بابن حوارى رسول الله صلى الله عليه وسلم وابن عمته. ودعا لهم بدواب فحملهم عليها» .