للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السّلمى فى سبعين من قيس، فأتوا الدار، فخرج ابن عقيل إليهم بسيفه حتّى أخرجهم من الدار، ثم عادوا إليه فحمل عليهم فأخرجهم مرارا، وضربه بكر بن حمران الأحمرىّ فقطع شفته العليا وسقط سنّتاه، وضربه مسلم على رأسه وثنّى بأخرى على حبل العاتق فكادت تطلع على جوفه، فلما رأوا ذلك أشرفوا على سطح البيت، وجعلوا يرمونه بالحجارة ويلهبون النار فى القصب ويلقونها عليه، فلما رأى ذلك خرج عليهم بسيفه فقاتلهم فى السكة، فقال له محمد بن الأشعث.

لك الأمان فلا تقتل نفسك؛ فأقبل يقاتلهم ويقول:

أقسمت لا أقتل إلّا حرّا ... وإن رأيت الموت شيئا نكرا

ويخلط البارد سخنا مرا ... رد شعاع النفس مستقرّا [١]

كلّ امرىء يوما ملاق شرّا ... أخاف أن أكذب أو أغرّا

فقال له محمد بن الأشعث: إنك لا تكذب ولا تخدع، القوم بنو عمك وليسوا بقاتليك ولا ضاربيك، وكان قد أثخن بالحجارة، وعجز عن القتال، وأسند ظهره إلى حائط تلك الدار، فأمّنه ابن الأشعث والناس غير عمرو بن عبيد الله السّلمى فإنه قال: لا ناقتى فيها ولا جملى [٢] .

وأتى ببغلة فحمل عليها، وانتزعوا سيفه، فكأنه أيس من نفسه فدمعت عيناه وقال: هذا أول الغدر. قال محمد: أرجو ألا يكون عليك بأس.

قال: وما هو إلا الرجاء! أين أمانكم! ثم بكى، فقال له عمرو بن عبيد الله:


[١] كذا جاء فى الأصل، وجاء عند الطبرى وابن الأثير: «رد شعاع الشمس فاستقرا» .
[٢] كذا جاء فى النسخة (ك) ، وجاء فى النسخة (ن) : «لا ناقة له فى هذا ولا جمل» .