للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال [١] : وسمعته زينب أخته فى تلك الليلة وهو فى خباء له يقول- وعنده حوى مولى أبى ذر الغفارى وهو يعالج سيفه ويصلحه-:

يا دهر أفّ لك من خليل ... كم لك بالإشراق والأصيل

من صاحب أو طالب قتيل ... والدهر لا يقنع بالبديل

وإنّما الأمر إلى الجليل ... وكلّ حىّ سالك السبيل

فأعاد ذلك مرّتين أو ثلاثا، فلمّا سمعته لم تملك لنفسها أن وثبت تجرّ ثوبها وإنها لحاسرة حتّى انتهت إليه فقالت: «واثكلاه! ليت الموت أعدمنى الحياة! اليوم ماتت فاطمة أمّى وعلىّ أبى وحسن أخى! يا خليفة الماضى وثمال الباقى!» . فنظر إليها وقال: يا أخيّة لا يذهبنّ حلمك الشيطان. قالت: بأبى وأمّى أنت استقتلت نفسى فداؤك! فردّد غصّته، وترقرقت عيناه، ثم قال: «لو ترك القطا ليلا لنام [٢] . فقالت: «يا ويلتا! أفتغضب نفسك اغتصابا؟


[١] القائل: زين العابدين: قال: إنى جالس فى تلك العشية التى قتل أبى صبيحتها، وعمتى زينب عندى تمرضنى إذ اعتزل أبى بأصحابه فى خباء له، وعنده حوى مولى أبى ذر الغفارى: وهو يعالج سيفه ويصلحه، وأبى يقول: يا دهر أف لك..... الخ.
[٢] تمثل بعجز بيت لحذام ابنة الديان، وله قصة ذكرها الميدانى فى مجمع الأمثال والمفضل بن سلمة فى الفاخر والجاحظ فى الحيوان والعينى فى شواهده الكبرى وذلك أن الديان وقومه جاءهم أعداؤهم ليلا، فلما كانوا قريبا منهم أثاروا القطا- من الطير- فمرت بأصحاب الديان، فخرجت حذام الى قومها فقالت:
ألا يا قومنا ارتحلوا وسيروا ... فلو ترك القطا ليلا لناما
أى: أن القطا لو ترك ما طار فى هذه الساعة، فقد أتاكم القوم، فقال ديسم بن طارق بصوت عال:-
اذا قالت حذام فصدقوها ... فإن القول ما قالت حذام
وهناك بعض الراويات الأخرى.