فذلك أقرح لقلبى وأشدّ على نفسى!» . ثم لطمت وجهها وأهوت إلى جيبها فشقته، ثم خرّت مغشيا عليها، فقام إليها الحسين فصبّ على وجهها الماء وقال لها:«يا أخيّه، اتقى الله، وتعزّى بعزاء الله، واعلمى أن أهل الأرض يموتون، وأن أهل السماء لا يبقون، وأن كلّ شىء هالك إلّا وجهه، الذى خلق الأرض بقدرته، ويبعث الخلق فيعودون وهو فرد وحده، وأبى خير منّى، وأمّى خير منى، وأخى خير منى، ولى ولهم ولكل مسلم أسوة برسول الله صلى الله عليه وسلم!» . فعزّاها بهذا ونحوه، وقال لها:«يا أخيّة، إنى أقسم عليك فأبرّى قسمى، ألّا تشقّى علىّ جيبا [١] ، ولا تخمشى علىّ وجها، ولا تدعى علىّ بالويل والثّبور إذا أنا هلكت» .
ثم خرج إلى أصحابه، فأمرهم أن يقرّبوا بيوتهم بعضها إلى بعض، وأن يدخلوا الأطناب بعضها فى بعض، وأن يكونوا هم بين البيوت، فيستقبلوا القوم من وجه واحد، والبيوت من ورائهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم.
قال: وقاموا الليل كلّه يصلّون ويستغفرون ويدعون ويتضرّعون.
فلما صلى عمر بن سعد الغداة، وذلك يوم السبت، وهو يوم عاشوراء، وقيل: يوم الجمعة، خرج فيمن معه من الناس.