فإن عبد الرحمن قد حفر جوخى كلّها خندقا واحدا، وكسر خراجها، وخلّى شبيبا يأكل أهلها. والسلام.
فكتب إليه الحجاج يأمره بالمسير إلى الجيش، وأمّره عليهم، وعزل عنهم عبد الرحمن، وبعث إلى المدائن مطرّف بن المغيرة ابن شعبة، فسار عثمان حتى قدم على العسكر عشيّة الثلاثاء يوم التّروية؛ فنادى الناس- وهو على بغلة: أيها الناس، اخرجوا إلى عدوّكم، فقالوا: هذا المساء قد غشينا والناس لم يوطّنوا أنفسهم على الحرب، فبت الليلة ثم اخرج على تعبئة، فأبى ذلك، ثم نزل وبات ليلته يحرّض أصحابه، فلما أصبح يوم الأربعاء خرج بالناس كلّهم، فاستقبلتهم ريح شديدة وغبرة، فقال له أصحابه: ننشدك الله أن تخرج بنا والريح علينا. فأقام بهم ذلك اليوم، ثم خرج يوم الخميس، ثم «١» عبّأهم، فجعل فى الميمنة خالد بن نهيك بن قيس، وعلى الميسرة عقيل بن شدّاد، ونزل هو فى الرجّالة، وعبر شبيب إليهم النهر، وهو يومئذ فى مائة وأحد وثمانين رجلا، فوقف هو فى الميمنة، وجعل أخاه مصادا فى القلب، وجعل سويد بن سليم فى الميسرة، وزحف بعضهم إلى بعض، فحمل شبيب على ميسرة عثمان فانهزموا، ونزل عقيل بن شداد فقاتل حتى قتل، وقتل مالك ابن عبد الله الهمدانى، ودخل شبيب عسكرهم، وحمل سويد على ميمنة عثمان فهزمها، فقاتل خالد بن نهيك قتالا شديدا، وحمل شبيب من ورائه فقتله، وتقدم عثمان بن قطن وقد نزل معه العرفاء