وأشراف الناس والفرسان نحو القلب وفيه مصاد أخو شبيب فى نحو من ستّين رجلا، فشدّ عليهم عثمان فيمن معه فثبتوا له.
وحمل شبيب بالخيل من ورائهم فما شعروا إلّا والرّماح فى أكتافهم تكبّهم لوجوههم، وعطف عليهم سويد بن سليم فى خيله، وقاتل عثمان بن قطن أحسن قتال، ثم أحاطوا به، وضربه مصاد بن يزيد ضربة بالسيف استدار لها وقال «١» : «وَكانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا» *.
ثم قتل، وسقط عبد الرحمن عن فرسه، فأتاه ابن أبى سبرة الجعفى وهو على بغلة فأركبه معه، ونادى فى الناس: الحقوا بدير «٢» أبى مريم، ثم انطلقا «٣» ذاهبين، ثم أتاه واصل [بن الحارث]«٤» السكونى ببرذون فركبه وسار حتى نزل دير البقار «٥» ، وأمر شبيب أصحابه فرفعوا السيف عن الناس، ودعاهم إلى البيعة فبايعوه، وقتل يومئذ من كندة مائة وعشرون، وبات عبد الرحمن بدير البقّار «٦» ، فأتاه فارسان، فصعدا إليه فخلا به أحدهما طويلا ثم نزلا؛ فقيل: إن ذلك الرجل كان شبيبا، وكان بينه وبين عبد الرحمن مكاتبة، وسار عبد الرحمن حتى أتى دير أبى مريم، فاجتمع الناس إليه وقالوا له: إن سمع شبيب بمكانك أتاك فكنت له غنيمة.
فخرج إلى الكوفة واختفى من الحجّاج حتى أخذ له الأمان منه، وكانت هذه الوقائع التى ذكرناها كلّها من أخبار شبيب فى سنة ست وسبعين.