ما أدركت بثأرك، وقتلت نفسك، وما على بحير بأس! فقال:
لقد طعنته طعنة لو قسّمت بين الناس لماتوا. ولقد وجدت ريح بطنه فى يدى.
فحبسه المهلّب، ومات بحير من الغد، فقال صعصعة: اصنعوا الآن ما شئتم، أليس قد خلت خدور «١» نساء بنى عوف، وأدركت بثأرى. والله لقد أمكننى منه [ما صنعت]«٢» خاليا غير مرة، فكرهت أن أقتله سرّا.
فقال المهلب: ما رأيت رجلا أسخى نفسا بالموت من هذا، وأمر بقتله، فقتل.
وقيل: إنه بعثه إلى بحير قبل أن يموت فقتله، وغضبت عوف والأبناء وقالوا: علام قتل صاحبنا، وإنما أخذ بثأره، فنازعتهم مقاعس والبطون، وكلّهم بطون من تميم، حتى خاف الناس أن يعظم الأمر، فقال أهل الحجا: احملوا دم صعصعة، واجعلوا دم بحير [بواء]«٣» ببكير، فودوا صعصعة، فقال رجل من الأبناء يمدح صعصعة «٤» :
لله درّ فتى تجاوز همّه ... دون العراق «٥» مفاوزا وبحورا
ما زال يدئب «٦» نفسه وركابه ... حتى تناول فى الحزون «٧» بحيرا