فلما كان الغد من يوم كلامه له أمر قتيبة أخاه عبد الرحمن فسار فى الفرسان والرّماة، وقدّم الأثقال إلى مرو، فسار يومه، فلما أمسى كتب إليه قتيبة: إذا أصبحت فوجّه الأثقال إلى مرو، وسر فى الفرسان والرّماة نحو الصّغد، واكتم الأخبار، فإنى بالأثر.
ففعل عبد الرحمن ما أمره، وخطب قتيبة الناس، وقال لهم:
إن الصّغد شاغرة «١» برجلها، وقد نقضوا العهد الذى بيننا، وصنعوا ما بلغكم؛ وإنى أرجو أن تكون خوارزم والصّغد كقريظة والنّضير.
ثم سار فأتى الصّغد، فبلغها بعد عبد الرحمن بثلاث أو أربع، وقدم معه أهل خوارزم وبخارى، فقاتلوا شهرا من وجه واحد وهم محصورون.
وخاف أهل الصّغد طول الحصار، فكتبوا إلى ملك الشاش وأخشاد «٢» وخاقان وفرغانة: إنّ العرب إن ظفروا بنا أتوكم بمثل ما أتونا [به]«٣» ، فانظروا لأنفسكم، ومهما كان عندكم من قوة فابذلوها. فنظروا وقالوا:
إنما نؤتى من سفلتنا وإنهم «٤» لا يجدون كوجدنا. فانتخبوا من أبناء الملوك وأهل النّجدة من أبناء المرازبة والأساورة والأبطال، وأمروهم أن يأتوا عسكر قتيبة؛ فيبيّتوه، وولّوا عليهم ابنا لخاقان، فساروا.