وبلغ قتيبة الخبر فانتخب من عسكره مائة، وقيل ستّمائة من أهل النّجدة والشجاعة، وأعلمهم الخبر، وأمرهم بالمسير إليهم، فساروا، وعليهم صالح بن مسلم، فنزلوا على فرسخين من العسكر على طريق القوم، فجعل صالح له كمينين «١» . فلما مضى نصف الليل جاءهم عدوّهم، فلما رأوا صالحا حملوا عليه، واقتتلوا فشدّ الكمينان عن يمين وشمال، فقتلهم المسلمون، وأسروا منهم، ولم يفلت منهم إلا الشريد، واحتووا على سلاحهم وأسلابهم. وسئل بعض الأسرى عن القتلى فقالوا: ما قتلتم إلا ابن ملك أو عظيما أو بطلا، إن كان الرجل ليعدّ «٢» بمائة رجل.
ونصب قتيبة المجانيق على سمرقند، ورماهم فثلمه ثلمة «٣» .
ثم أمر قتيبة الناس بالجدّ فى القتال، وأن يبلغوا ثلمة المدينة، ففعلوا، وحملوا وقد تترّسوا حتى بلغوا الثّلمة، ووقفوا عليها، فرماهم الصّغد بالنشّاب، فلم يبرحوا، فأرسلوا إلى قتيبة أن انصرف عنّا اليوم حتى نصالحك غدا. فقال: لا نصالحهم إلا ورجالنا على الثّلمة.
وقيل: بل قال: جزع العبيد! انصرفوا على ظفركم. فانصرفوا، فصالحهم من الغد على ألفى ألف ومائتى ألف مثقال فى كل عام، وأن يعطوه تلك السنة ثلاثين ألف رأس «٤» ، وأن يخلوا المدينة