والله ما أدرى أعلى الإسلام أنت أم لا؟ ما تدع شيئا من المنكر إلّا أتيته غير متحاش؛ فكتب إليه الوليد «١» :
يأيّها السائل عن ديننا ... نحن على دين أبى شاكر
نشربها صرفا وممزوجة ... بالسّخن أحيانا وبالفاتر
فغضب هشام على ابنه مسلمة، وكان يكنى أبا شاكر، وقال له:
يعيرنى الوليد بك، وأنا أرشّحك للخلافة. فألزمه الأدب، وأحضره الجماعة، وولّاه الموسم سنة تسع عشرة ومائة، فأظهر النّسك واللّين، وقسم بمكة والمدينة أموالا، فقال مولى لأهل المدينة:
يأيّها السائل عن ديننا ... نحن على دين أبى شاكر
الواهب الجرد «٢» بأرسانها ... ليس يزنديق ولا كافر
يعرض بالوليد.
وكان هشام ينتقص الوليد ويعيبه، فخرج الوليد ومعه ناس من خاصّته ومواليه، فنزل بالأزرق على ماء يقال له الأغدف، وخلف كاتبه عياض بن مسلم عند هشام ليكاتبه بما عندهم.
وقطع هشام عن الوليد ما كان يجرى عليه، وكاتبه فيه الوليد فلم يجبه إلى ردّه، وأمره بإخراج عبد الصمد من عنده، فأخرجه وسأله أن يأذن لابن سهيل فى الخروج إليه، فضرب هشام ابن سهيل وسيّره إليه، وأخذ عياض بن مسلم كاتب الوليد فضربه وحبسه.
فقال الوليد: من يثق بالناس، ومن يصنع المعروف؟ هذا الأحول