المشئوم أبى، قدّمه على أهل بيته فصيّره ولىّ عهده، ثم يصنع [بى]«١» ما ترون، لا يعلم أنّ لى فى أحد هوى إلا عبث به.
وكتب إلى هشام فى ذلك يعاتبه، ويسأله أن يردّ عليه كاتبه. فلم يردّه، فكتب إليه الوليد «٢» :
رأيتك تبنى دائما «٣» فى قطيعتى ... ولو كنت ذا حزم «٤» لهدّمت ما تبنى
تثير على الباقين مجنى ضغينة ... فويل لهم إن متّ من شرّ ما تجنى
كأنى بهم والليت أفضل قولهم ... ألا ليتنا والليت إذ ذاك لا يغنى
كفرت يدا من منعم لو شكرتها ... جزاك بها الرحمن ذو الفضل والمنّ
قال، ولم يزل الوليد مقيما بتلك البريّة حتى مات هشام، فلما كان صبيحة اليوم الذى جاءته فيه الخلافة قال لأبى الزّبير المنذر بن أبى عمرو:
ما أتت علىّ ليلة منذ عقلت عقلى أطول من هذه الليلة، عرضت لى أمور، وحدّثت نفسى فيها بأمور من أمر هذا الرجل- يعنى هشاما- قد «٥» أولع بى، فاركب بنا نتنفّس، فركبا فسارا ميلين، ووقف على كثيب، فنظر إلى رهج «٦» ، فقال: هؤلاء رسل هشام، نسأل الله من خيرهم؛ إذ بدا رجلان على البريد: أحدهما مولى لأبى محمد السّفيانى، فلما قربا نزلا يعدوان حتى دنوا منه، فسلّما عليه بالخلافة،