للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تأتنى برأسه لأقتلنّك، فخرج إلى جعفر وضرب عنقه وأتاه برأسه؛ قال: من نقل أن الرسول إلى جعفر ياسر، إنه لما وضع الرأس بين يدى الرشيد أقبل عليه مليا، ثم قال: يا ياسر جئنى بفلان وفلان، فلما أتاه بهما قال لهما الرشيد: اضربا عنق ياسر، فإنى لا أقدر أن أرى قاتل جعفر «١» .

وقيل: إنه وجد على قصر على بن عيسى بن ماهان بخراسان فى صبيحة الليلة التى قتل فيها جعفر كتابة بقلم جليل:

إنّ المساكين بنى برمك ... صبّت عليهم غير الدهر

إنّ لنا فى أمرهم عبرة ... فليعتبر ساكن ذا القصر «٢»

قال: وكان جعفر من أهل الفصاحة البارعة والفطنة التى لا تحد، إلا أنه كان فيه بخل بالنسبة إلى أبيه وأخيه، قال: ولما قتل جعفر أمر الرشيد بتوجيه من احتاط بيحيى وولده الفضل وجميع أسبابهم، وحبس الفضل فى بعض منازل الرشيد، وحبس يحيى فى منزله، وأخذ مالهم وما وجد لهم من ضياع ومتاع وغير ذلك، وأرسل من ليلته إلى سائر البلاد بالقبض «٣» على وكلائهم وأسبابهم وجميع أموالهم، وأصبح فأرسل جثة جعفر إلى بغداد وأمر بنصب رأسه وأن يقطع بدنه «٤» قطعتين، ينصب كل قطعة على جسر، ولم يعرض الرشيد لمحمد بن خالد بن برمك وولده، لأنه علم براءته مما دخل فيه أهله؛ وقيل كان يسعى بهم، ثم حبس الرشيد يحيى بن خالد وبنيه الفضل ومحمد، ولم يفرق بينهم وبين عدة من خدمهم، ولا ما يحتاجون إليه من جارية وغيرها، ولم تزل حالهم سهلة حتى قبض الرشيد على عبد الملك بن صالح، فعمّهم سخطه فضيّق عليهم.