الصفصاف وملوقية «١» ، واستعمل حميد بن معيوف على ساحل الشام ومصر، فبلغ قبرس فهدم وأحرق وسبى من أهلها سبعة عشر ألفا، فلما قدم بهم الرافقة «٢» بيعوا بها، وبلغ فداء أسقف قبرس ألفى دينار، ثم سار الرشيد إلى طوانة فنزل بها، ثم رحل عنها وخلف عليها عقبة بن جعفر، وبعث نقفور بالخراج والجزية عن رأسه أربعة دنانير، وعن رأس ولده دينارين وعن بطارقته كذلك؛ وكتب نقفور إلى الرشيد فى جارية من سبى هرقلة، كان خطبها لولده فبعثها إليه.
وقد ذكر أبو الفرج الأصفهانى عند ذكره ترجمة أشجع بن عمرو السّلمى، وما امتدح به الرشيد لما فتح هرقلة، وسياقه أتم من هذا السياق وأكثر تبيانا، فأحببنا أن نشرحه ها هنا ليكون خبرها على توال واتساق «٣» ، فقال: أخبرنى على بن سليمان الأخفش قال حدثنا محمد بن يزيد قال: كان من خبر غزاة الرشيد هرقلة أن الروم كانت ملكت امرأة، لأنّه لم يكن فى زمانها من أهل المملكة غيرها، وكانت تكتب إلى المهدى والهادى والرشيد- فى أول خلافته- بالتعظيم والتبجيل، وتدرّ عليه الهدايا حتى بلغ ابنها.
فحاز الملك دونها وعاث وأفسد وفاسد الرشيد، فخافت على ملك الروم أن يذهب وعلى بلادهم أن تعطب، لعلمها بالرشيد وخوفها من سطوته، فاحتالت على ابنها فسملت عينيه. فبطل من الملك وعاد الملك إليها، فاستكبر ذلك أهل المملكة وأبغضوها من أجله، فخرج عليها نقفور وكان كاتبها، فأعانوه وعضدوه وقام بأمر المملكة وضبط أمر الروم، فلما قوى أمره وتمكّن من ملكه كتب إلى الرشيد: من نقفور ملك الروم إلى الرشيد ملك