الرئاستين وقال: إن فعلت ما أشار به هؤلاء جعلوك هديّة إلى أخيك ولكن الرأى أن تكتب إليهم كتابا مع رسول من عندك، تذكّرهم البيعة وتسألهم الوفاء وتحذرهم الحنث، ففعل ووجّه سهل بن صاعد «١» ونوفلا الخادم، فلحقا الجند والفضل بنيسابور، فأوصلا الفضل كتابه فقال: إنما أنا واحد من الجند، وشدّ عبد الرحمن بن جبلة على سهل بالرمح ليطعنه، فأمّره على جنبه وقال: قل لصاحبك لو كنت حاضرا لوضعته فيك، وسبّ المأمون فرجعا إليه بالخبر فقال ذو الرئاستين: أعداء استرحت منهم، وقال له: اصبر وأنا أضمن لك الخلافة، فقال المأمون: قد فعلت وجعلت الأمر إليك فقم به، قال ذو الرئاستين: والله لأصدقنّك، إن عبد الله بن مالك ومن معه من القواد قاموا لك بالأمر كانوا أنفع لك منّى، برياستهم المشهورة وبما عندهم من القوّة، فمن قام بالأمر كنت خادما له حتى تباع أملك وترى رأيك، وقام ذو الرئاستين فأتاهم فى منازلهم، وذكر لهم البيعة وما يجب عليهم من الوفاء، قال: فكأنى جئتهم بجيفة على طبق، فقال بعضهم:
هذا لا يحل وأخرجه «٢» ، وقال بعضهم: ومن الذى يدخل بين أمير المؤمنين وأخيه؟ قال: فجئت وأخبرته فقال: قم بالأمر، فأشار عليه أن يبعث إلى الفقهاء، ويدعوهم إلى الحق والعمل به وإحياء السنة وردّ المظالم، وأن تجلس على الصوف وتكرم القوّاد، ففعل ذلك ووضع عن خراسان ربع الخراج، فحسن ذلك عند أهلها وقالوا: ابن اختنا وابن عم نبيّنا صلّى الله عليه وسلّم، ثم كتب المأمون إلى الأمين وعظّمه.
ولما قدم الفضل بن الربيع العراق- وقد نكث عهد المأمون- علم أنّ المأمون، إن أفضت إليه الخلافة وهو حىّ، لم يبق عليه، فسعى فى إغراء الأمين وحثّه على خلع المأمون، والبيعة لابنه موسى بولاية العهد- ولم يكن