ذلك فى عزم الأمين، فلم يزل الفضل يصغّر أمر المأمون عنده ويزيّن له خلعه، ووافقه على ذلك على بن عيسى «١» بن ماهان والسندى وغيرهما، فرجع الأمين إلى قولهم وجمع القوّاد لذلك، فنهاه عبد الله بن خازم وأبى القواد ذلك، وربما ساعده قوم، فلما بلغ إلى خزيمة بن خازم قال له: يا أمير المؤمنين، لم ينصحك من كذبك، ولم يغشك من صدقك، لا تجرئ القواد على الخلع فيخلعوك، ولا تحملهم على نكث العهد فينكثوا عهدك وبيعتك، فإنّ الغادر مخذول، والناكث مفلول، فأقبل الأمين على علىّ ابن ماهان فتبسّم وقال: لكنّ شيخ هذه الدعوة وناب «٢» هذه الدولة لا يخالف على إمامه، ولا يوهن طاعته ثم رفعه إلى موضع لم يرفعه إليه قبلها.
وألحّ الأمين فى خلع المأمون، فأوّل ما فعل أن كتب إلى جميع العمال بالدعاء بالإمرة لابنه موسى بعد الدعاء للمأمون والمؤتمن، فلما بلغ ذلك المأمون، وأن الأمين عزل المؤتمن عما كان بيده، أسقط الأمين من الطّرز وقطع البريد عنه، وكان رافع بن الليث بن نصر بن سيّار- لمّا بلغه حسن سيرة المأمون- طلب الأمان منه فأمّنه، فحضر عنده.
قال: ثم كتب الأمين إلى المأمون يستقدمه ويسأله أن يقدّم ابنه موسى على نفسه، وأرسل إليه أربعة «٣» فى الرسالة- منهم العباس بن موسى بن عيسى، فلما أتوه امتنع من ذلك، فقال له العباس بن موسى: ما عليك أيها الأمير من ذلك؟ وقد فعله جدى عيسى بن موسى وخلع فما ضرّه ذلك، فصاح به ذو الرئاستين: فقال اسكت فإنّ جدّك كان أسيرا بين أيديهم، وهذا بين أخواله وشيعته، ثم قاموا «٤» فخلى ذو الرئاستين بالعباس بن