للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الطالع ذات دلّ وشكل، فنهضت لدخولها فقالت مرحبا بالضيف، [وسألتنى عن دخولى «١» ] ، فقلت: عن غير ما قصد، قالت فما السبب؟

قلت انصرفت من عند بعض أصحابى فلما رأيت الزنبيل حملنى النبيذ على الدخول فيه، قالت: فما صناعتك؟ قلت: بزّاز، قالت:

ومولدك؟ قلت: بغداد، قالت: من أى الناس؟ قلت: من أوسطهم، قالت: حيّاك الله، هل رويت من الأشعار شيئا؟ قلت: شىء ضعيف، قالت: فذاكرنى، قلت: إن للداخل دهشة، ولكن ابدأينى فالشىء بالمذاكرة، قالت: هل تحفظ قصيدة فلان التى يقول فيها كذا وكذا، فأنشدتنى لجماعة من الشعراء القدماء والمحدثين، وأنا مستمع أنظر من أى أحوالها أعجب: من حسنها أو من حسن إنشادها أو من حسن أدبها أو ضبطها للغريب من النحو واللغة!! ثم قالت: قد ذهب عنك بعض الحصر، قلت: إن شاء الله لقد كان ذلك، قالت: فأنشدنى، فأنشدتها فجعلت تسألنى عن أشياء تمرّ فى الشعر كالمختبرة، ثم قالت: والله ما قصّرت ولا توهمت أن فيك هذا!! ولا رأيت فى أبناء التجار مثلك! فكيف معرفتك بالأخبار وأيام الناس؟! قلت: نظرت فى شىء من ذلك، فأمرت بإحضار الطعام فأكلنا، ثم أحضرت نبيذا فشربت قدحا، وقالت: هذا أوان المذاكرة، فاندفعت وقلت: بلغنى كذا وكذا، وكان رجل من قصّته كذا وكذا، فسرّت بذلك، وقالت: ليس هذا من أمر التجار، وإنما هى من أحاديث الملوك، قلت: إنه كان لى جار ينادم بعض الملوك فكنت أدعوه فى بعض الأوقات إلى منزلى، فما تسمعين منّى فمن عنده أخذته، قالت: يمكن هذا!! ثم قالت: لو كان عندك شىء واحد لكنت كاملا! فحرك بعض الملاهى أو ترنّم، قلت: لا أحسن من هذا شيئا على أنى مولع بسماعه، فقالت: يا جارية- عودى، فضربت فأحسنت وغنّت غناء