للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بديعا، ثم قالت: هذا الغناء لإسحاق، فلم تزل على ذلك حتى إذا كان عند الفجر قالت: المجالس بالأمانات، ثم أخذت وأخرجت إلى باب صغير، فانتهيت إلى دارى فأرسل المأمون إلىّ فمشيت إليه، وبقيت عنده إلى وقت البارحة ودخل إلى حرمه، فخرجت إلى ذلك الموضع ودخلت الزنبيل، فقالت: ضيفنا!! قلت: منوا بالصفح، قالت: فعلنا ولا تعد، فلما كان عند الصباح فعلت فعلة البارحة، وخرجت فأتيت المأمون، فقال: أين كنت!! فاعتذرت إليه، فلما كان الليل صنع صنعه وصنعت كذلك، فلما دخلت فى الزنبيل قالت: ضيفنا!! قلت: اى ها الله!!، قالت:

أجعلتها دار مقام!! قلت: الضيافة ثلاث فإن رجعت فأنت من دمى فى حلّ، فلما كان عند الوقت أفكرت فى المأمون، وعلمت أنّه لا يخلصنى منه إلا أن أخبره، وعلمت من شغفه بالنساء أنه يطالبنى بالمشى إليها، فقلت:

جعلت فداك- أتأذنين فى ذكر شىء حضر؟ قالت: قل، قلت: أراك ممّن يحب الغناء ويشغف بالأدب، ولى ابن عم هو من أهل الشعر «١» والأدب والغناء، هو أعرف خلق الله بغناء إسحاق، الذى سمعتك تثنين عليه، فقالت: طفيلى ويقترح، قلت: إنما ذكرت ذلك لك وأنت المحكّمة، قالت: فإذا كان كما ذكرت فما نكره أن نعرفه، قلت: فالليلة، قالت:

نعم، ثم انصرفت على عادتى فلما وصلت دارى أتانى رسول المأمون، فمشيت إليه وهو حنق علىّ، فقال: يا إسحاق آمرك بشىء فلا تقف عنده، وكان لا يدخل إلى حرمه حتى يأمرنى بانتظاره، فأتذكّر مجالسة الجارية فأنسى عقوبته، فقلت: لى قصّة أحتاج فيها إلى خلوة، فأومأ بيده إلى من كان واقفا فتنحّوا، فذكرت له القصة فلما فرغت من كلامى قال: كيف لى بمشاهدة ذلك الموضع؟ قلت: قد علمت أنك تطالبنى بهذا، وقد قلت لها لى ابن عم من صنعته ومن حديثه، ثم جلسنا على عادتنا فى الأيام الخوالى-