للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهو يسألنى عن حديثها، فلما جاء الليل صرنا «١» إلى ذلك الموضع، فألفينا فيه زنبيلين فدخل فى واحد ودخلت فى الآخر، فلما صرنا فى البيت جلست فى صدره، وجلس المأمون دونى، فلما أتت قالت: حيّا الله ضيفينا بالسلام، ثم رفعت مجلسه وقالت: هذا ضيف وأنت من أهل البيت، ولكل جديد لذّة، فجلس المأمون فى صدر البيت وأقبلت عليه تحدثه، وهو يأخذ معها فى كل فن فيسكتها، فالتفتت إلىّ وقالت: وفّيت بوعدك، ثم أحضرت النبيذ وجعلنا نشرب وهى مقبلة عليه، ثم قالت: وابن عمك هذا من أولاد التجار؟! إنّ حديثكما وأدبكما لمن أدب «٢» الملوك، وليس للتجار هذه المنزلة فى الأحاديث والآداب، ثم قالت لى: موعدك؟ قلت: إنه ليجيب «٣» ولكن حتى يسمع شيئا، فأخذت العود وغنّت فشربنا عليه رطلا ثم ثانيا وثالثا، فلما شرب المأمون ثلاثة أرطال ارتاح وطرب، وكان الصوت الثالث ما يقترحه «٤» علىّ أبدا، فلما سمعه نظر إلىّ نظر الأسد إلى فريسته، وقال لى: يا إسحاق غنّ لى هذا الصوت، فلما رأتنى وقفت بين يديه علمت أنّه المأمون وأنّنى إسحاق، فنهضت «٥» فقال لها: ها هنا وأومأ إلى كلّة مضروبة فدخلتها، فلما فرغت من ذلك الصوت قال: يا إسحاق: انظر من صاحب هذه الدار؟ فسألت عجوز فقالت الحسن بن سهل وهذه ابنته بوران، فرجعت فأعلمته فقال: علىّ به الساعة فأحضرته فوقف بين يديه فقال: لك بنت؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين، قال: زوجنيها، قال هى أمتك وأمرها إليك، قال: فإنى أتزوّجها على ثلاثين ألفا نحملها إليك صبيحة غد، فإذا وصل إليك المال فاحملها إلينا، فقال: نعم يا أمير المؤمنين، ثم