فقالت: إنى لأرحم هؤلاء وإنى لأخاف أن يكونوا عليك سباعا، بعد ما كانوا لك أتباعا، فقال: جوّع كلبك يتبعك، ثم إنه غزابهم ولم يقسم عليهم شيئا فقالوا لأخ له: قد ترى ما نحن فيه من الجهد ونحن نكره خروج الملك عنكم إلى غيركم فساعدنا على قتل أخيك واجلس مكانه، فوافقهم على ذلك، ثم وثبوا على الملك فقتلوه، فمرّ به عامر بن جذيمة وهو مقتول، فقال: ربما أكل الكلب مؤدّبه اذا لم ينل شبعه، فأرسلها مثلا، والمثل يضرب في اللئام وما ينبغى أن يعاملوا به.
وقولهم:«جاءتهم عوانا غير بكر» أى مستحكمة غير ضعيفة يريدون حربا أو داهية عظيمة.
وقولهم:«جاء بصحيفة المتلّمس» إذا جاء بالداهية؛ وكان من خبر صحيفة المتلمس أن المتلمس وطرفة قدما على عمرو بن المنذر بن امرىء القيس فجعلهما فى صحابة قابوس بن المنذر أخيه وأمرهما بلزومه، وكان قابوس شابا يعجبه اللهو، فطال بقاؤهما عنده، فهجا طرفة عمرا بأبيات فبلغته فاستدعاهما فحباهما بحباء وكتب معهما إلى أبى كرب عامله على هجر أن يقتلهما، وقال: قد كتبت لكما بحباء ومعروف، فلما صدرا من عنده، قال المتلمس لطرفة: هل لك في كتابينا، فإن كان فيهما خير مضينا له، وإن كان شرّا اتقيناه، فأبى طرفة وقرأ المتلمس كتابه فإذا فيه السوءة فألقاه في الماء وقال لطرفة: ألق كتابك فأبى ومضى بكتابه، قال: ومضى المتلمس حتى لحق بملوك بنى جفنة بالشام وسار طرفة بكتابه، فلما انتهى إلى العامل قتله.