للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال: هو ذاك يا أمير المؤمنين، قال: كنت فى خلافة المعتمد فرأيت هذا الأمير قتل رجلا عمدا بغير ذنب، ولم يكن له وارث فنذرت لله تعالى إن ولّانى الله أن أقتله به، فلما وليت كنت أتطلّب له العورات حتى جرى ما جرى من غلامه، فقتلته بذلك الرجل وأقمت السياسة بقتله. قال:

وكان المعتضد يسمى السفّاح الثانى لأنّه جدّد ملك بنى العباس، ووطّده بعد أن كانت الأتراك قد أخلقته، وفى ذلك يقول ابن الرومى:

هنيئا بنى العبّاس إنّ إمامكم ... إمام الهدى والجود والباس أحمد

كما بأبى العبّاس أسّس ملككم ... كذا بأبى العباس أيضا تجدّد

وحكى أبو الفرج عبد الرحمن بن الجوزى فى المنتظم فى تاريخ الملوك والأمم بسند رفعه إلى أبى محمد عبد الله بن حمدون «١» :

قال: كان المعتضد بالله فى بعض متصيّداته مجتازا «٢» بعسكره وأنا معه، فصاح «٣» ناظور فى قراح قثاء فاستدعاه، وسأله عن سبب صياحه فقال: أخذ بعض الجيش من القثاء شبئا، فقال: اطلبوهم، فجاءوا بثلاثة نفر «٤» ، فقال: هؤلاء الذين أخذوا القثاء؟ فقال الناظور: نعم، فقيّدهم فى الحال وأمر بحبسهم، فلما كان من الغد أنفذهم إلى القراح وضرب أعناقهم فيه، وسار فأنكر الناس ذلك وتحدّثوا به، ومضت على ذلك مدة طويلة، فجلست أحادثه ليلة فقال لى: يا أبا عبد الله- هل يعيب الناس علىّ شيئا؟ عرّفنى حتى أزيله، فقلت: كلا يا أمير المؤمنين، فقال:

أقسمت عليك بحياتى إلا صدقتنى، قلت: يا أمير المؤمنين- وأنا آمن؟