وأراد ابن حمدان الخروج من الدار فتعلّق به القاهر وقال:
أنا فى ذمامك فقال: والله لا أسلّمك أبدا! وأخذ بيده وقال: قم بنا نخرج جميعا، وأدعو أصحابى وعشيرتى فيقاتلون دونك! فقاما ليخرجا فوجدا الأبواب مغلقة ومعهما فائق المعروف بوجه القصعة، فأشرف القاهر من سطح فرأى كثرة الجمع، فنزل هو وابن حمدان وفائق فقال ابن حمدان للقاهر: قف حتى أعود إليك! ونزع سواده وثيابه وأخذ جبّة صوف لغلام هناك فلبسها ومشى نحو باب النوبىّ «١» فرآه مغلقا والناس حوله. فعاد إلى القاهر وتأخر عنهما وجه القصعة، وأمر من معه من الخدم بقتلهما أخذا بثأر المقتدر وما صنعا به، فعاد إليهما عشرة من الخدم بالسّلاح «٢» ، فعاد إليهم أبو الهيجاء وسيفه بيده فقاتلهم فقتلوه، وهرب القاهر إلى آخر البستان واختفى.
وأما الرجّالة فإنهم لما انتهوا إلى دار مؤنس وسمع زعقاتهم قال: ما الذى تريدون؟ قالوا: نريد المقتدر! فأمر/ بتسليمه إليهم فامتنع المقتدر من ذلك وخاف أن تكون حيلة، فحمل وأخرج إليهم فحملوه على أعناقهم حتى أدخلوه دار الخلافة. فلما حصل فى الصّحن التسعينى اطمأنّ وجلس وسأل عن أخيه القاهر وعن ابن حمدان فقيل إنهما حيّان فامّنهما بخطّه، وأمر خادما بالسّرعة بكتاب الأمان لئلا يحدث على أبى الهيجاء حادث، فمضى بالخط إليه فلقيه خادم